د.حسام العتوم
نحن هنا في الأردن وبكامل عمقنا العربي الكبير مؤهلين لعقد الصلح في النزاعات الدولية أيضا ، و قرأننا الكريم دعانا الى ذلك ، قال الله سبحانه و تعالى في محكم اياته ” ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا و تتقوا و تصلحوا بين الناس والله سميع عليم ” صدق الله العظيم – سورة البقرة 224″ ، وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ” حفظه الله ” هاشمي حفيد لرسول البشرية محمد صلى الله عليه و سلم ، ومن سلالة ثورة العرب الهاشمية الكبرى المجيدة التي اطلق عنانها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي ” طيب الله ثراه ” ، و يتمتع جلالته بعلاقات شخصية مع زعماء العالم ، وعلاقات سياسية و دبلوماسية و عسكرية متوزانة للأردن بقيادة جلالته مع روسيا الاتحادية و مع أوكرانيا و مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ،ومع حلف ” الناتو ” ، و سبق لوزراء خارجية العرب بتاريخ 4 نيسان 2022 ومثلوا ( الأردن ، و العراق ، و الجزائر ، و السودان ، و مصر ، و الجامعة العربية ) أن زارو العاصمة موسكو ، و التقوا وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف ، و لقاء مماثل لوزير خارجيتنا السيد أيمن الصفدي بوزير خارجية أوكرانيا بيترو كاليبا في وارسو ،ووزراء خارجية عرب توجهوا لبولندا وقتها ، وجاء التوجه العربي الدبلوماسي حينها مرتكزا على قرار مجلس الجامعة العربية رقم 15 على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة بتاريخ 9 أذار 2022 لمعالجة الأزمة الروسية – الأوكرانية بعد مضي شهيرين على اندلاعها ، بعدما أعلن الروس عن تحريك عمليتهم العسكرية الخاصة التحريرية الدفاعية الإستباقية غير الأحتلالية و بقرار جماعي من قادة قصر ” الكرملين ” الرئاسي بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين بعد رصدهم لحجم التطاول من قبل سلطة ” كييف ” على المواطنين الأوكران الناطقين بالروسية و على الروس في شرق و جنوب أوكرانيا وعلى مدار أكثر ثماني سنوات .
والمعروف بأن انقلابا حصل في العاصمة “كييف ” عام 2014 اشتبكت خيوطه اللوجستية بين غرب أوكرانيا و الغرب الأمريكي ، و هدف الى اجتثاث الحضور الروسي السياسي و الاقتصادي و العسكري عبر طرد اخر رئيس أوكراني موالي لروسيا مثل فيكتور يونوكوفيج ، و المضي قدما في نشر أكثر من 30 مركزا بيولوجيا ضارا بالنسيج الديمغرافي السلافي و السوفيتي السابق و الروسي ، و التأسي لقنبلة نووية أوكرانية و بالتعاون مع الغرب لتحقيق حالة من التوازن العسكري بين أوكرانيا ” كييف ” و روسيا ، و الشروع بصنع قنبلة نووية أخرى مخفضة أوكرانية بحجة أن روسيا راغبة بإستخدام مثلها في الاراضي الأوكرانية ، و هو ما ثبت سرابيته ، و العمل المشترك من قبل قادة ” كييف ” المحسوبين على التيار البنديري الأزوفي المتطرف و الغرب على افشال الحوار الأوكراني – الروسي المباشر مبكرا و عبر اتفاقية ” مينسك ” ، و تشجيع ” كييف ” على ضم الاقاليم الأوكرانية المتنازع عليها مع سكانها ومع روسيا قسرا و عنوة ، و النتيجة التي ظهرت تباعا وعبر صناديق الأقتراع والرقابة الدولية و الحماية العسكرية الروسية كانت لصالح التجمع البشري الأوكراني و الروسي و غيرهم في ( القرم ، و لوغانسك ، و الدونباس ” دونيتسك ” ، وزباروجا ، و جانب من خيرسون ” ، و لصالح السيادة الروسية التي استشعرت التهديد الغربي في وقته و زمانه بين عامي 2014 و 2022 و حتى الان في عام 2023 ، و بالمناسبة كل الاقاليم سابقة الذكر رفضت و لازالت أية علاقة مع ” كييف ” و مع الغرب ، ومع حلف ” الناتو ” تحديدا المعادي لروسيا ، و نجاحات روسية عسكرية جديدة في مناطق السوليدير و باخموت على مقربة من العاصمة الأوكرانية .
والمطلوب الان هو استثمار زيارة وزراء الخارجية العرب و الجامعة العربية لموسكو و لكوسوفو و بولونيا ، و الارتقاء بجهدهم لمستوى الزعامة العربية ، و خير من يمثل العرب ، وكما أعتقد في الوصول الى حلول وسطية في النزاع الدولي الجاري بين روسيا و أوكرانيا و الغرب ، هو جلالة الملك عبد الله الثاني المعروف بحضوره الدولي المتميز ، و بقوة تأثيره في المحافل الدولية ، وجلالته الوحيد و سط زعامات العرب المتحدث بالانجليزية بطلاقة ، و هو صديق لروسيا الاتحادية ، و لأوكرانيا ” كييف ” ، و للغرب ، و لأمريكا ، و لحلف ” الناتو”، وهو القادر على الأستماع لمظلمة الرئيس بوتين ، و لموقفه و بلاده روسيا من الحرب الروسية – الأوكرانية الجارية ، و لنقل صورة الموقف الروسي السياسي منها للغرب و لأمريكا بالذات ، و العودة من الغرب برسالة مماثلة من الممكن توصيلها لروس ، بهدف الوصول لحلول وسطية عادلة ترضي كافة الأطراف داخل حلبة النزاع الدولي الجاري الان ، و لكي لا تفلت الأمور عن عقالها و تتحول ” لا سمح الله ” الى حرب عالمية ثالثة تكون نووية مدمرة للحضارات و البشرية ، و مثلما لروسيا موقفا شجاعا و علنيا مع القضية الفلسطينية العادلة ،و مثلما يطالب الروس بدولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة ، و بتجميد الاستيطان ، و بترسيخ الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس ، يتطلب منا نحن العرب أن نستمع على الأقل للموقف الروسي و نحركه لكي نتلقى جوابا شافيا من الغرب .
وفي المقابل شخصيا لست قلقا على روسيا الاتحادية الصديقة للعرب و للعالم جراء الحرب ، فهي قوية اقتصاديا و عسكريا ، بل و متفوقة، و يصعب استزافها ، و أكثر ما يقلقني هو تدمير البنية التحتية الأوكرانية ، و خسران ” كييف ” لحرب أراد الغرب لها أن تختارها ، و لست من دعاة العداء بين روسيا و أوكرانيا غربا ، ومع الغرب ، و انما أدعو للسلام العادل المتوازن الذي يقبل به الروس و الأوكران أولا ، و على الغرب تعقل الأمور و عدم الذهاب لصب الزيت على النار ، و أوكرانيا لم تعد واحدة ، و الموقف في داخلها منقسم بين الولاء لروسيا و الاحتماء بقوتها ، و بين الولاء لسيادة أوكرانيا عبر ” كييف ” و للغرب رغم رغبته بتحويل استقلال أوكرانيا الى استعمار ، و هو المرفوض في شرق و جنوب أوكرانيا و في روسيا ، ومن مصلحتنا نحن العرب أن نقيم علاقات متوزانة مع دول العالم ، و أن نسند حجم التبادل التجاري بين عالمنا العربي و العالم ، و بما أننا لم نصل كعرب لمرحلة الوحدة العربية الحقيقية ، يصبح من حقنا هنا في الأردن أن نقود الصلح العالمي الى جانب العرب ، لمصلحة الأردن و لكل العرب .
وحديث الغرب عن اختراق روسيا للقانون الدولي في شأن الحرب الأوكرانية الدائرة يحتاج لوقفة تأمل و تفحص ، و لم أسمع يوما بإحتلال يأتي عبر صناديق الأقتراع و الرقابة الدولية و الحماية العسكرية ، و لم يرد ذلك في معاهدة “جنيف ” لعام 49 ، و روسيا قطب شرقي عملاف و دولة قانون و مؤسسات ، و يكفيها وجود سيرجي لافروف يقود الدبلوماسية الروسية بإقتدار ، و صنع لنفسه اسما محترما على مستوى العالم ، و سبق له أن التقى جلالة الملك عبد الله الثاني بعمان منذ فترة و جيزة سابقة ، و التقى القيادة الأماراتية كذلك ، و حرص الغرب على القانون الدولي شاهدناه من خلال تعاملهم مع الهزة الأرضية الكارثية التي أصابت سوريا الشقيقة من خلال قانون ” قيصر ” الجائر الذي قصد النظام السوري و انسحب على الانسان العربي السوري المنكوب ، ونسيت أمريكا و كونغرسها التي وقعت القانون عام 2019 ما فعلوه في اليابان من كارثة بشرية نهاية الحرب العالمية الثانية بعد قصفها بالسلاح النووي ، و تناسوا ملجأ العامرية و مطار بغداد عندما قصفوهم بالنووي المخفض عامي 2019 و 2003 ، و للحديث بقية.