راتب عبابنة
الكبرياء لا يصحح الخطأ
راتب عبابنه
بعد كل ما قيل وكتب وما سمعناه وشاهدناه من فيديوهات ومقابلات على الفضائيات مع من عاشوا عملية الكرك من ألفها إلى يائها، نجد أنفسنا أمام استنتاجات وحقائق لا يمكن الهروب منها. بل هي معطيات تفرض نفسها بقوة على الأداء الأمني إذا أقر المعنيون وجودها بعيدا عن المكابرة المكشوفة التي تدحضها الحقائق وواقع الحال.
والحكمة تقول الإعتراف بالذنب فضيلة، فإن تفاصيل ما جرى تظهر مواطن خلل لم يعد السكوت عنها مبررا. والإقرار بوجودها لا يقلل من هيبة أمننا ولا يزعزع ثقتنا بقدرته على التعامل مع أكثر الأحداث خطورة وحساسية. والهيبة تقوم على المصداقية والشفافية وليس على التصلب بالرأي والتمنع عن إبراز الحقائق حتى لو كانت مؤلمة. ومحاولة إضفاء عدم مصداقية ما يشيع بين الناس لا يأتي أكله إلا بتحري الدقة والصدق وكشف الحقائق الدامغة التي يمكنها دحض ما يدور بين الناس من روايات مختلفة.
أما الإكتفاء بالنفي وتأكيد مقتضب لما تقوله الجهات المعنية، ما هو إلا أسلوب التعامل بفوقية وفرض التصديق على الناس التي عاشت الحدث وحوصرت داخل القلعة. وسائل التواصل الإجتماعي متاحة للجميع ومن السهولة بحيث لا مجال للتكذيب أو الشك. أضف إلى ذلك ما شاهدناه على الفضائيات ممن كانوا جنبا إلى جنب مع رجال الأمن وعرضوا أنفسهم للموت كعادة الأردنيين الغيارى على كركهم ووطنهم والذين يهبون هبة رجل واحد كلما لمسوا خطرا يهدد أمن وطنهم.
وهناك من الحقائق ما يجعلنا نراجع العديد من أشكال النمطية المتوارثة والتي ثبت عدم توافقها مع المعطيات والمستجدات التي خلقتها الظروف المحيطة والجماعات المتطرفة وغذتها السياسات الداخلية الضاغطة التي أفضت لوجود فساد وبطالة متزايدة وعدم وجود جدية بمعالجة العراقيل الإدارية مما دفع بالعديد من الشباب ليكونوا صيدا سهلا للتطرف والإنحراف باتجاه من يتحشدوا لإيذاء الوطن وشعبه. والحقائق التي خرجنا بها من كل ذلك نجملها كالتالي:
1. الشعب أمن والأمن شعب.
2. التماهي بين السلطة والشعب عند الشعور بوجود ما يمكن أن يؤذي الوطن .
3. وجود نمطية بالعرف العسكري تتلخص بانتظار الأمر وهي ما يكبل أيدي رجال الأمن من الإجتهاد بالحالات الطارئة والتصرف حسب ما يقتضيه الحال.
4. في كثير من الحالات يعطى الغفير سلاحا غير مذخّر.
5. تعرض الجندي للتحقيق والسجن بحال فقدانه أي من ذخيرته ولذلك يحرص على عدم استخدام سلاحه حتى وإن اضطر لذلك تفاديا للمساءلة والعقوبة.
6. نؤمن بأن المحاذير تقود إلى السلامة، لكن نأمل من المختصين في الجيش والأمن والدرك مراجعة هذه الناحية والخروج بآلية عملية تتوافق مع الواقع وطبيعة الحدث.
7. ونسمع يوميا من المسؤولين أن الأردن مستهدف بأمنه وقيادته مما يستدعي تعديل وتطوير نمطية تذخير السلاح ونوعيته وتوفير الذخيرة الكافية للتمكن من الرد والمقاومة والإشتباك بعد طلب الإسناد بالأفراد والسلاح.
8. زيادة الثقة بالقدرة على السيطرة على زمام الأمور عند الطوارئ خلق نوعا من الإسترخاء انعكس على مدى الجاهزية وسرعة الإستجابة لمثل هذه الحالة التي كشفتها الصدفة ولم تكن متابعة من قبل الأجهزة المعنية بسبب شدة سريتها.
9. انتشار الأخبار غير الرسمية وتداولها بشكل فاضح هو غياب المعلومة الرسمية أو تأخرها.
كثير من العبر والدروس نستقيها من حادثة الكرك تقودنا لرفع مستوى الجاهزية والعمل على مراجعة سير العملية وتقييم التنفيذ والأداء خصوصا بظل حقيقة أن الإعداد والتجهيز ونوعية المواد كانت معدة لاستخدامها ربما بمواقع حيوية وتجمعات بشرية مع قرب عيد الميلاد المجيد ورأس السنة وانشغال الناس وخصوصا الأخوة المسيحيين باحتفالاتهم بالعيد.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com