عصام قضماني
الفساد الكبير واضح, لكن المشكلة الأخطر هي في الفساد الصغير الذي يتسرب مثل بكتيريا قاتلة تلوث الدم في الجسد.
هذا الوصف لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي, وقد كان يتحدث لنا نحن كتاب وصحفيي» الرأي» عن الفساد في القطاع تحت مسميات كثيرة, الرشوة, المساعي أو إن شئت الإكراميات تنتشر مثل آفة مقلقة تفقد الجهاز الحكومي مناعته فيصبح هزيلا مريضا وملوثا.
هذه الجرأة في جلد الذات التي بادر اليها الرئيس هي بداية العلاج, فهي اعتراف لم يسبقه اليه أحد جهرا, وقد دأب المسؤولون على تجميل هذا الفساد الصغير بالبيروقراطية, حتى أن أحدهم ألقى شعارا قال فيه, « البيروقراطية هي التي حمت الإدارة الأردنية من الفساد» والحقيقة هي أن البيروقراطية هي التي وفرت بيئة مناسبة للفساد.
قامت الدنيا ولم تقعد فوق, عندما انتقد رئيس الوزراء ما درجت العادة على تسميته ب « الإكراميات « وهو تجميل لسلوك قبيح إسمه الرشوة, ما استدعى أمانة عمان الى إصدار بيان توضيحي لتهدئة طوابير المعترضين.
كنا شددنا على يد وزيرة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتسريع برنامج الحكومة الإلكترونية, فهو إنجاز إن صنعته فيكفيها أن تفخر بما لم يحققه من سبقها, وهاهو ذا جلالة الملك يترأس خصيصا جانبا من اجتماع لمجلس الوزراء ويطلق إنذارا عاجلا لتسريع البرنامج, فجلالته يعرف أن أتمتة خدمات الحكومة تعني إنهاء البيروقراطية وتعني أيضا تعزيز نزاهة القطاع العام والإدارة الحكومية, وهذه وتلك تتقاطع مع مبادئ تعزيز سيادة القانون والنزاهة في توصيات اللجنة الملكية لتطوير القضاء.
لماذا تحتاج المعاملة الى 10 تواقيع وفي بعض الأحيان الى 15 وأكثر حتى في ظل التكنولوجيا والعصر الرقمي, أليس هذا من معيقات العمل والانجاز, أم أن السبب في الابقاء على هذا الأسلوب الاداري المتخلف هو وجود فائض من الموظفين ينبغي تشغيلهم حتى لو كان ذلك بمزيد من البيروقراطية التي زعم روادها أنها حمت الدولة من الفساد ومن تجاوز القوانين والأنظمة, هذه حجة فارغة في مقابل ما نراه اليوم من أساليب إدارية حديثة ناجحة في العالم المتحضر.
لا علاقة بين البيروقراطية والتحصين ضد الفساد, كما لا علاقة بين سرعة اتخاذ القرار والوقوع في الخطأ فهذه النظرية ما هي إلا شماعة يتعلق بها كل مسؤول يفضل « تجميد « العمل ليس خوفا من الاتهام فحسب بل لأنه غير قادر على اتخاذ القرار.
في تقرير سابق لمنظمة الشفافية الدولية أقر اكثر من 60%من الاردنيين الذين شملهم استبيان المنظمة أنهم دفعوا رشوة للحصول على تصريح أو لتسهيل معاملة أو لتمريرها.
مع رئيس الوزراء في تنقية الدم من التلوث حتى لو كانت الكلفة هيكلة من نوع آخر.
qadmaniisam@yahoo.com
– See more at: http://www.ammonnews.net/article/305382#sthash.QhgGZum6.dpuf
1 تعليق
بهجت خشارمه
نعم الفساد مستشري فينا ، الفسد الصغير اشد خطرا من الفاسد الكبير ، تحدث الاستاذ الكاتب عن الاكراميات (( الرشوة )) التي غزتنا ، وانا اقول بانه سيأتي وقت ستكون فيه الرشوة روتين ، والكاتب المحترم لم يبالغ في مقالته ،وذكر نسبة قليلة جدا حول انتشار الرشوة في مجتمعنا . لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .