احمد حسن الزعبي
العلامة!
قبل ثلاث سنوات قمنا بترميم بئر الدار ، تنظيف وتأهيل و”قصارة” وسد الشقوق الجانبية بعد أن كان يبتلع كل مياه الأمطار و يسربّها إلى مكان غير معلوم وينضح لنا الطين والجفاف والطحالب ..في نهاية عملية الترميم ، جلس أبو قاسم على “خرزة البير” وكتب تاريخ الصيانة بمسمار على الصبة الطرية ، ثم أعطاني بعض الإرشادات المهمة التي ما زلت أتبّعها بحذافيرها كانصياع المريض إلى الطبيب المختص…
أرشدني كيف أربط “المزراب القبلي” على البئر ، وكيف يكون تمديد المواسير انسيابياً من المزراب الوسطاني إلى “الخرزة” ، بالإضافة إلى مياه الحنفية الزائدة عن حاجتي في الحصة الأسبوعية ، ثم طلب مني حبلاً بطول أربعة أمتار ونصف وقطعة مستطيلة من الخشب، بعد ساعة من البحث والتفتيش عن هذه الوصفة وهي يصرخ بأعلى صوته: “ولك غاد”!!..”هي ولك شوف هناك”..”ولك قطعة خشب مش عارف تلاقي”؟! وعندما يفلس مني تماماً ويضجر من حركتي البطيئة كان يبدأ بالغناء: ” يا حسرة قلبي يوم ٍ ودّعوه” ..
في نهاية المطاف أحضرت له ما يريد ،قام بربط الخشبة من المنتصف وأنزلها في البئر المشيّد ثم ربط طرفها العلوي في حلق الغطاء الحديدي…ثم أمسكني من كوعي معطياً وصيته الأخيرة ” هاي علامة”..بآخر “2” بأول ” 3 ” بتسحب الحبل إذا الخشبة ناشفة خلّي المزاريب تصب، إذا الخشبة مبلولة “اقطم عنها” المي..وحوّل المزاريب ع الحاكورة… كل شيء اله قدرة ..إذا زادت المي عن “العلامة” بتخرّب وبترجع تهرب وبتضيع اللي لمّيته..ثم حمل المسطرين والمالج و”الكفّ ” وغادر..
منذ ذلك التاريخ وأنا في نهاية شهر شباط و أول أسبوع من آذار أسحب الحبل والخشبة لأعرف منسوب الماء المجموع في البئر إن ابتلت حبست الماء ، وان كانت جافة أطلقتها…
سؤالي للحكومة الا يوجد عندكم علامة مثل طواشة “ابي قاسم” ، يعني بعد مزراب “ضريبة البنزين” ومزراب “الاتصالات” ومزراب ضريبة “جوازات السفر” والحديد والمواد الغذائية و العطور و المكياج وبيوت الشعر وعشرات السلع التي تصب في بئر الخزينة…الم يمتلئ بئر الموازنة بعد؟؟؟ …هلاّ سحبتم حبل الدراسات لتعرفوا منسوب الواصل للخزينة وكم بقي لكم من دمائنا المصابة بالانيميا اصلاً؟؟؟…ميزانيتكم بير مكسور و7 مليون مثل “أبو قاسم” لن يجبروه..
أقسم ثلاثاً ..أن جهنم تشبع والموازنة لا تشبع!!.