
ايمن الشبول
عندما يضعف الإيمان ويتجمد الفكر ويتوه العقل ، فالآذان سيصيبها الصمم ، والقلوب سيعتربها العمى ؛ وحينها سيقرر الشيطان بالانابة ؛ وسينطق الرصاص ويتحدث المدفع … !!!
وهذه المرحلة العنيفة من الحوار الدموي وصلتها فئات كثيرة من شعوبنا العربية … ففي أكثر من دولة عربية وعندما غاب العقل وإحتفى الفكر والمنطق … ؛ تحول أغلب الناس إلى المجادلة بالسلاح وإلى التخاطب بالبندقية والمدفع …
ولن يتوقف هذا الحوار الدموي حتى يعود للناس ايمانهم وعقولهم وقلوبهم ؛ أو يقرر الممول للفتنة وقف تمويله لها أو يقرر الصانع للبندقية والجالب للمدفع انتهاء لعبة الفتل … لن يتوقف حوار البندقية والمدفع في بلادنا ، حتى يستأصل الأحتلال اليهودي وحتى تنتهي كل آثار وبقايا الإستعمار …
من يتابع برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة الفضائية ؛ فإنه سيصل إلى نتيجة قاطعة وهي : أن الاستعمار حقق كل أهدافه المرجوه أقناء سعيه الدائم والهادف إلى التفريق بين الشعوب العربية ، واشاع التناحر والمذهبية والطائفية وبث بذور الفتنة … سيجد بعد انتهاء الحوار المعاكس بأن المسافات والفجوات هي غالبا” بعيدة جدا” بين العقول والرؤى والتوجهات العربية المختلفة …
وكثيرا ما لاحظنا النيران المتوقدة في وجوه وعيون المتأهبين للمنازلة أو الحوار مع بدايات الحلقة … ! وعندما يشتد الحوار ستشعر بأنك لا تتابع حلقة نقاشية لمثقفين ومفكرين وعرب ؛ ولكنها حلبة للعراك و للمصارعة … ! صحيح بأن المتصارعين عرب والجماهير وحكم المنازلة هم عرب …؛ ولكنك ستكتشف بأن المصارعة الجاربة كانت عنيفة جدا ونارية ولا تعترف بالانظمة ولا بالقوانبن ومضت على الطريقة الأمريكية … ويمكن أن يصل النقاش ببن المتحاورين الى مرحلة التتابز بالألقاب وإلى كيل سيل من الاتهامات المتبادلة بالخسة وبالنذالة والعمالة … ويمكن الوصول ببن المتصارعين إلى حد التراشق العنيف بالكلمات أو التلفظ وبأسوأ العبارات … ؛ وتجد أن كل مصارع يريد طرح خصمه أرضا” لكي يتركه دون حراك ؛ وحكم اللقاء يتوسل لدى المتصارعين لضبط مجريات وايفاع اللقاء .. ولا فائدة ، وتجده بأنه يحاول أن يوصل رأيه ويطرح ملاحظاته وأسئلته … ولكن المتصارعين لا يأبهان لمطرقته ولا لتوسلاته وقوله … !!
.. هذا البرنامج الحواري تحول وبعد الرببع العربي من : الإتجاه المعاكس إلى الصراع والنزاع المعاكس … وهو برنامج يحاكي واقع هذه الأمة … وأنا على يقين تام بأنه لو سمح للمتحاورين في هذا البرنامج بحمل بندقية أو مدفع ؛ لتركوا الكلام خلال دقائق ولتحاوروا بالبندقية وبالمدفع .. !!!
وهذا الوضع العربي المتردي هو نتاج لعقود طويلة من المؤامرات الإستعماربة واليهودية ؛ إنه نتاج للاحتلالات المتعاقبة والتي ابتليت بها هذ الأمة بدء” بالإستعمار ثم بسلسلة الإحتلالات : ( اليهودية والأمريكية والفارسية والروسية … ) … إنه نتاج للأعلام الشيطاني المسموم ؛ إنه نتاج لسياسات فرق تسد الإستعمارية القديمة والجديدة …
فــلا حـــد يبــاعدنا ولا دين يفرقنا
لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان
هذه الأماني والأناشبد الحلوة ؛ رددها الأباء وتغنى فيها الأجداد لسنوات طويلة ، ولكن الأبتاء شاهدوا عكسها تماما” … فالحدود ببن العرب مغلفة ومؤصدة والحدود باعدت بين القلوب والعقول والأفكار والتوجهات والرؤى العربية … ؛ والمواطن العربي يمكن أن يصبح لاجئا هاربا من الموت ولا يلاقي الاستقبال والترحيب من الأقطار العربية … أو يصبح خائفا طريدا يتوسل العيش والامان في هذا العالم ولا يجده …
غذى الاستعمار الطائفة والعنصرية في بلادنا وغرس عندنا مشاعر الدونية والتبعية ؛ ولا زالت الأيادي الشيطانية تعبث بهذه الأمة ؛ تنصب الشراك وتبث العملاء وتتلاعب بالعقول وبالأفكار ، وتتأمر ليلا” ونهارا” على هذه مستقبل ووجود هذه الأمة ؛ من المحيط وحتى الخليح …
يقول تعالى : ( زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ) … ولكن العرب استبدلوا زيتونتهم المقدسة واللاغربية واللا شرقية … زيتونتهم الموصولة بنور الله وبقوة الله … بزيتونة رومية وفارسية وعجمية !!! .
يقول تعالى : ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) … فالله تعالى ألف بين قلوب المؤمنين وجمع بين أبو بكر وعمر وبلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي … وهو الخالق القادر على وأد نار الفتنة وعلى إعادة الألفة واللحمة إلى هذه الأمة .
نسأله تعالى ؛ أن يبعد عنا الحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ وأن يقتص لنا من كل من سفك دماءنا وتجبر علينا وتجاوز وظلم … اللهم إجمع كلمة هذه الأمة وهيئ لها من يجدد إيمانها ويعيد لها لحمتها وهيبتها وكرامتها …