المهندس خالد العنانزة
السرطان والعوامل البيئية
بقلم: م.خالد العنانزة
السرطان هو واحد من أكثر الأمراض التي يخشاها الناس ويعتبر من أكثر النتائج التي جرت عليها الأبحاث عند التعرض للملوثات البيئة وقد تزامنت الأمراض المزمنة والسرطانية مع التقدم الصناعي في العصر الحديث ففي الدول الصناعية يؤدي السرطان إلى 20% من إجمالي الوفيات. لقد أوصلت الأبحاث التي أجريت على آثار الكيماويات خبراء الصحة البيئية إلى نتيجة واحدة مفادها أن هناك صلة لا مجال للاختلاف حولها بين التعرض لبعض المواد السامة الصناعية وأمراض خطيرة بعينها مثل السرطان فقد ارتبط مرض اللوكيميا مثلا بالتعرض للبنزين ومرض الميسثيليوما وهو نوع من أنواع السرطان بالتعرض للاسبستوس. وبالرغم من أن دور التلوث الصناعي في حدوث السرطان لا يمكن تجاهله فان تحديد دور المواد السامة في تطور مرض السرطان لدى الإنسان يصعب تحقيقه نظرا لان معظم التعرض للمواد السامة يكون عند مستويات ضئيلة ولا يعرف سوى القليل عن سمية معظم المواد الكيميائية والاهم من ذلك أن التلوث كعامل مسبب للسرطان يتداخل مع العوامل الأخرى مثل التغذية وحفظ الأطعمة والتدخين وشرب الكحول والتعرض للإشعاعات والجينات (الأسباب الوراثية) ، كما تشكل المواد السامة وعلى أكثر من صعيد كابوسا لمن يريد دراستها وبائيا فقد يظهر السرطان المتسبب عن مادة كيماوية سامة بعد عدة عقود من التعرض لتلك المادة ولا يمكن تمييز السرطان الناتج عن أسباب أخرى إضافة إلى الناس يتعرضون للعديد من الملوثات في وقت واحد مما يجعل البحث عن العلاقة بين نتيجة ما وسببها أمرا عقيما ومخيبا للآمال.
لقد تمكنت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان من تحديد 60 عاملاً بيئياً يمكن أن تسبب السرطان وتضم هذه العوامل بعض المواد الكيماوية ومجموعات من الكيماويات المرتبطة بعضها ببعض والمزائج الكيماوية المختلفة والإشعاعات والأدوية والعمليات الصناعية أو التعرض المهني المرتبط بالسرطان. إن التعرض للمواد السامة يبدأ بسلسلة من الأحداث التي تؤدي إلى السرطان في نهاية الأمر ويمكن أن يحدث هذا بعدة طرق وإحدى هذه الآليات هي حدوث تلف مباشر على DNA (حمض نووي يتواجد في الخلايا) مما يسبب التغير الإحيائي أي تحولات طارئة على الجينات ، كما أن المواد السامة الأخرى قد تسبب السرطان عن طريق إخماد المناعة ومن أمثلتها مادة البنزوبيرين المنبعثة من عوادم السيارات ودخان الفحم ومادة الاسبستوس وبعض المبيدات الحشرية ، والطريقة الثالثة للتعرض ويمكن أن تؤدي للإصابة بالسرطان هي أن تعمل المادة السامة كنوع من الهرمونات ومن أشهر الأمثلة على ذلك المبيد الحشري المعرف ب(الاترازين ) الذي اكتشف في المياه السطحية والجوفية في الولايات المتحدة الأمريكية وأشارت أكثر من 100 دراسة بحثية في عام 2009 إلى مخاوف حقيقية من استخدامه الواسع نظرا لقدرته على محاكاة عمل الهرمونات الطبيعية في الإنسان وتسببه بأمراض سرطانية في الرئة واللثة. وخلاصة القول أن الأسباب المحددة لمعظم أنواع السرطان لا زالت تستعصي على الفهم الطبي لكن الباحثين يعرفون بالفعل أن الكثير من العوامل بما فيها الكحول والتدخين والأغذية والجينات والتلوث البيئي يمكن لها جميعا أن تلعب دورا في ذلك ،فما أحوجنا إلى تناول الأغذية الطبيعية والتركيز علي الخضار والفواكه في غذائنا وممارسة الأنشطة الرياضية والابتعاد عن ملوثات البيئة والتدخين والكحول ، حفظنا الله وإياكم من شر الأمراض ورافقتكم السلامة دائما.