د.حسام العتوم
على المستوى الدولي، في كل يوم أشاهد فيه رئيس روسيا الأتحادية فلاديمير فلاديميروفيج بوتين عبر الفضائيات الروسية ( 1، 24،ِART، سبوتنيك، KTV) ، وأسمتع لكلامه وخطاباته السياسية ازداد ثقة وإعجابا بشخصيته الرئاسية، والخندق السياسي الروسي واضح وعادل، والسياسة الروسية الخارجية التي يقودها أهم واقوى وزراء خارجية العالم- سيرجي لافروف – صريحة ومستقيمة، وقيادة روسيا لعالم الأقطاب المتعددة والأصح فوق حلبة السياسة الدولية، ولقد أصبح المكان ضيقاً أمام القطب الواحد الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والتي راهن على سياستها معظم العالم، بينما هي تقود دولياً السياسة المتطرفة الخطأ، وأصبحت صورة أوروبا المنقادة لها هشة، ومستهدفة من قبل أمريكا نفسها، رغم أن روسيا – بوتين مدت يدها لمصافحتها عبر مشروع غازها ( 2 ) الضخم الذي وصلت تكلفته إلى 11 مليار دولار لتزويدهم بمادة الغاز بأسعار تفضيلية، وقبل ذلك عام 2000 في عهد الرئيس بوتين عندما تم الإقتراح على أمريكا – بيل كلينتون، ادخال روسيا لحلف (الناتو) لإنهاء الحرب الباردة، لكن واشنطن، و( البنتاغون ) علقوا المشروع بأكمله وقتها، والعملية العسكرية الروسية الخاصة التي إنطلقت بتاريخ 24 شباط من هذا العام 2022 بهدف حماية السيادة الروسية وتنظيف وإجتثاث أوكرانيا من التيار ( البنديري ) المتطرف القادمة جذوره من عمق الجناج الهتلري النازي وسط الحرب العالمية الثانية 1939 1945، ومن فصائل ” أزوف ” العنصرية لدرجة النازية، وسميت حربا، واتهمت روسيا بإبادة الشعب الأوكراني، وإستهدافه في ( بوتشا ) بالقرب من العاصمة ( كييف )، رغم الروابط الأخوية الروسية – الأوكرانية التاريخية التي تعلن موسكو– بوتين عنها مرارا، وتقديم الجيش الروسي لمساعدات انسانية للأوكران بحجم (452) طنا لمنطقة محافظة ( كييف )، ومنها مدينة ( بوتشا )، وه والذي أكده لقاء بوتين – لوكاشينكا- رئيس بيلاروسيا بتاريخ 12 نيسان الجاري في المحطة الروسية الفضائية الجديدة، وأثبت بأن ما فعلته أمريكا في سوريا والعراق من مجازر لا يقارن بحدث ( بوتشا )، ولقد ثبت لروسيا وبالدليل الدامغ الخدعة الأعلامية التي يسوقها الغرب الأمريكي وبالتعاون مع غرب أوكرانيا ( كييف ) لإنتاج مزيد من العقوبات الأقتصادية والدبلوماسية على روسيا من زاوية الحرب الباردة وسباق التسلح وليس بسبب الحرب الدائرة، وخطاب كراهية واضح تقوده أمريكا – بايدن وبريطانيا – جونسون بوجه روسيا عبر التصريحات السلبية وتزويد غرب أوكرانيا بالسلاح والمال وبسخاء غير معهود، والسبب بعيد المدى، وتفوق روسيا عسكريا في مجال السلاح النووي لمستوى فوق النووي والصاروخي الباليستي والفضائي، وهو أمر مقلق للغرب الأمريكي، وتحديدا لمعسكر حلف ( الناتو) برمته، ولدرجة الرعب. وتأكيد روسي أعلن عنه بوتين حديثا بأن الغرب، وقصد أكثر أمريكا هم من أعاقوا تنفيذ اتفاقية ( مينسك ) الهادفة لسلام أوكراني ( غربي – شرقي )، ومع روسيا، ومع الغرب، ولم يقصد بكل تأكيد المانيا – ميركل وشولتز ولا فرنسا – ماكرون، وما سيحدث إلى الأمام نهاية الحرب الحالية إن تحقق لها أن تنتهي خارج ضغوطات الغرب الأمريكي والبريطاني لكي تستمر وتستنزف روسيا عسكريا واقتصاديا، هو توقيع ( كييف – زيلينسكي ) على شروط موسكوالكبيرة ( الحيادية، وعدم العبث بورقتي ( القرم )، و( الدونباس ولوغانسك )، عبر ملف مطبوع يجهز مسبقا، ويوقع، قبل لقاء بوتين – زيلينسكي المرتقب والمطلوب مباشرة أو عبر وسيط، أ ووسطاء، افتراضيا – أون -لاين، أومباشرة في موسكو.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه وسط المعركة الأوكرانية هو من يحارب من؟
ومن فرض الحرب كلها؟ ومن يؤجج الصراع في داخلها ؟ ومن سينتصر فيها ؟ ومن هي الجهة القادرة على إعلان وقف الحرب، وبأي طريقة ؟ وللإجابة على ما سبق من أسئلة مشروعة، نفيدكم وبصوت عالي، بأن الحرب لم تبدأها موسكو، ولم يكن الرئيس بوتين صاحب القرار الأنفرادي فيها، وبدأت فعلا من داخل غرب أوكرانيا، وبالتدريج منذ إعلان الأنقلاب الدموي في ( كييف ) عام 2014، وبالتعاون مع جهاز أمريكا اللوجستي (CIA )، واجهزة الغرب المماثلة، اعتقادا منهم بأن الفرصة أصبحت متاحة للإنقضاض على جبروت روسيا الأتحادية وعبر شقيقتها التاريخية ( غرب أوكرانيا ) عبر إنتاج قنبلة نووية سرية، ونشر مراكز بيولوجية لنشر فايروس ( كورونا ) وسطها، وبحجم وصل إلى 30 مركزا، وبدعم مالي مباشر من ابن الرئيس الأمريكي – بايدن (Hunter)، ومن خلال مؤسسته ( روز مونت سينيكا )، وتقريب حلف ( الناتو) العسكري المعادي لروسيا إلى داخل أوكرانيا، وإغراء ( كييف ) بدخول الحلف، وإقتحام شبه جزيرة (القرم ) الروسية، والتي لم تعد تنظوي تحت السيادة الأوكرانية في العهدين السوفيتي والروسي ولمدة 60 عاما، وتحت الوصاية الروسية، بحكم أن روسيا كانت على الدوام قائدة للإتحاد السوفيتي، والتاريخ شاهد عيان منذ عهد الأمبراطورة الروسية يكاتيرينا الثانية عام 1783، بأن القرم روسي الجذور، وبأن لموقعه الإستراتيجي العسكري النووي أهمية بالغة، وتحريك ( كييف ) للتيار البنديري المتطرف، ولفصائل ” أزوف ” الأشد تطرفا لتصفية سكان شرق أوكرانيا والذين جلهم من الروس والناطقين بالروسية وبحجم 4 ملايين نسمة، حيث تمكنت وبمساهة مباشرة من الجيش الأوكراني من التسبب في مقتل نحو14 الفا منهم، من بينهم حوالي 500 طفل. وذهب الغرب الأمريكي وبشكل ملاحظ لتأجيج الصراع الأوكراني ( الغربي ) مع روسيا لأسباب ذات علاقة مباشرة بالحرب الباردة وسباق التسلح، بعد إستخدام ( كييف ) طعما لسنارتهم عبر السلاح والمال، وبسخاء مستغرب، وتم كتابة سيناريوالحرب مناصفة بين زيلينسكي ( الفنان ) ونخبته السياسية البنديرية المتطرفة، وبين (البنتاغون )، واجهزة الغرب الأمنية، وتم فعلا إعاقة الحوار بين ( كييف ) و( موسكو)، وتدمير اتفاقية ( مينسك )، والتشجيع على الحرب فقط، وبث اشاعات إعلامية مغرضة من شأنها أن تضعف صورة روسيا العادلة وسط الرأي العام، وهوالأمر الذي حقق نجاحات جزئية، وانطلى على اعلام العالم، ومنه العربي، وبشكل ملاحظ .
ولا مخرج للإعلام الروسي الا أن ينطلق خارج حدود روسيا وبكل لغات العالم, ولن تنتصر فيها لا أمريكا ولا بريطانيا، ولا الغرب المنقاد للقطب الواحد الذي بدأت صورته تنهار أمام عيون الرأي العام، ولسوف تنتصر روسيا الإتحادية في حربها الوقائية الدفاعية عن سيادتها وعن ناسها في الدونباس ولوغانسك، ولا مكان بعد اليوم في الجوار الروسي للعنصرية والتطرف والفاشية وللمؤامرات، وروسيا الإتحادية وحدها بقيادة رئيسها الفولاذي والحكيم فلاديمير بوتين قادرة على وقف الحرب التي قررت لها أن تبدأ بعد التشاور مع كافة القيادة الروسية السياسية والدبلوماسية والادارية، وليس بطريقة ) بوتينية ديكتاتورية (كما يشيع الغرب، والمراهنة الحقيقية لإنهاء الحرب متوقفة على سير المفاوضات والقبول بشروط موسكو الكبيرة كما ذكرت هنا، ومقابل هذه المعادلة استمعت لمقابلة حديثة مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يقول فيها بأنه لا يقبل بالتنازل عن أي قطعة من الأراضي الأوكرانية، ويقصد ( القرم )، و( الدونباس ولوغانسك )، ولذلك حسب رأيه اندلعت الحرب، وبطبيعة الحال أي حرب يقصد، والكلام هنا لي، هي التي تتقدمها صورة نازية التيار البنديري المتطرف، وصورة فصائل ” أزوف ” الأشد تطرفا لدرجة العمل على قطع الأعضاء البشرية للجنود الأسرى الروس، وهوالأمر الذي وصفه بوتين بأسوأ من ما كان يحدث إبان نازية هتلر في الحرب العالمية الثانية الأخيرة، والأغرب بالنسبة للرئيس الروسي هو أن دولاً تقدم لهم المال والسلاح ؟!. وفي الوقت الذي جاء فيه رئيس بولندا أندري دودا إلى كييف ثائرا بسبب مقتل شقيقه رئيس بولندا ليخ كاتشينسكي عام 2010 على يد بولندا وبالتشارك مع روسيا حسب إعتقاده، وهو الذي نفته بوقته موسكو، عبر وصف الهجوم الروسي على أوكرانيا (بالإرهاب!!)، وفي المقابل رفض زعيمي فرنسا – ماكرون -، والمانيا – شولتز تكرار اتهامات الرئيس الأمريكي جوبايدن لروسيا بإرتكاب إبادة جماعية ضد الأوكرانيين، محذرين من أن التصعيد الكلامي لن يساعد على إنهاء الحرب.