اسعد العزوني
التهمة الحقيقية للسعودية
إتسعت الدائرة الكهرو- مغناطيسية الخطرة التي تحيط بالنظام السعودي وتهدده في مقتل، منذ إرتكاب جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، خنقا وتقطيعا وتذويبا بالأسيد في قنصلية بلاده في إستانبول،ولم تعد جريمة مقتل شخص واحد هي المحور الآن ،بل ومن خلال حليفهم المأجور المتمسح بالإنجيلية الرئيس ترامب ،بل إتضح للعامة أن القضية أكبر من ذلك،فالسعودية وبحسب ترامب إرتكبت جريمة بشعة ليس بحق شخص واحد فقط ،بل بحق شعب كامل هو الشعب الفلسطيني ،وطالت بطبيعة الحال الأمتين العربية والإسلامية لأن العرب والمسلمين طعنوا بمقدساتهم ،ومن قبل من ؟من قبل من يدعون انهم خدام الحرمين الشريفين.
بعد أن حشرت السي آي إي الأمريكية الرئيس ترامب في الزاوية ،وقدمت له تقريرا مدعما بالوثائق والتسجيلات ،عن دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة مقتل الصحفي الخاشقجي ،وانه هو الذي أوفد كبار مساعديه لقتله في القنصلة السعودية في إستانبول،وقيل أن “المحمدين”بن زايد وبن سلمان هددا ترامب بكشف علاقاته الخاصة معهما في حال إمتثل لرغبة السي آي إي ،وثبّت التهمة على بن سلمان، ما إضطر ترامب إلى التجديف ولكنه كان محقا هذه المرة ،فقد قال كلاما محقا وحقا لكنه أراد به باطل.
تحدث ترامب كثيرا مخاطبا الكونغرس عن “فضائل”السعودية لأمريكا وإسرائيل ،وكشف لهم أشياء لو لم يقلها أحد مثله لإحتملت التأويل ،مع أننا كنا نعرف بها بحكم العلاقة والواقع ،وجهرنا ببعضها قدر الإمكان،ومن جملة ما كشفه ترامب لأعضاء الكونغرس المؤيدين في معظم لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية ،إلى درجة انهم موظفون أصلا لها في الكونغرس الأمريكي ويعملون لتحقيق مصالحها ،مقابل تأمين دخولهم وبقائهم في الكونغرس .
فجر ترامب الكثير من القنابل المفخخة وليس الصوتية أمام الكونغرس لإخراس ألسنتهم ،وعدم الضغط عليه لتبني تقرير السي آي إي ،ويدين بن سلمان ،وكما يقول المثل أمسك بهم من أذرعتهم التي تؤلمهم ،وقد نجح في إسكات غالبيتهم ،لكن غراهام بيل المرشح الجمهوري المقبل للرئاسة المنافس لترامب ما يزال منطلق اللسان.
قال ترامب لأعضاء الكونغرس أن السعودية حليف إستراتيجي لأمريكا وإسرائيل،وأنه لولا السعودية لكانت إسرائيل في مأزق كبير،وانه لولا السعودية لكانت إسرائيل قد رحلت مبكرا من الشرق الأوسط،وعندما أطلق في أجسادهم هذه الإبرة المخدرة ،سألهم إن كانوا يريدون لإسرائيل ان ترحل.
هذه الثلاثية الخطيرة في صناعة القرار وهي ترامب إسرائيل والكونغرس تعني الكثير ،وما قاله ترامب ليس خبرا مجردا وبدون مصدر، يمكن لمسؤول صغير نفيه جملة وتفصيلا،ولا هو تحليلا سياسيا “تخبيص”لا يعتد به،بل هو صادر عن الرجل الأول في العالم ورئيس الدولة الأعظم والأقوى حتى اليوم ،بغض النظر عن مؤهلاته العقلية ،فقد قال كلاما أسكت الكونغرس وبرّأ ولي العهد السعودي إلى حين ،وضمن مبلغا كبيرا من المال ،سيحلبه هو وصهره/مستشاره الصهيوني كوشنير الذي يمتلك مكتبا تجاريا بالشراكة مع بن سلمان في الرياض ،ولا تدخل شركة عالمية إلى السعودية إلا بتصريح منه ،ولنا أن نتخيل حجم العمولات التي يقوم بالحصول عليها.
ما قاله ترامب للكونغرس كلام نظري أصاب كبد الحقيقة ،وما سنقوله كلام عملي موجود على أرض الواقع ،فقد تنازل الملك عبد العزيز عن فلسطين لليهود”المساكين”بناء على رغبة بريطانيا وممثلها في الجزيرة السير بيرسي كوكس ،بوثيقة تحمل توقيع في العام 1915 ،عندما كانت مستدمرة إسرائيل حبرا على ورق،وشارك جنود من السعودية في الجيوش العربية التي جاءت لتسهيل تسليم الساحل الفلسطيني للعصابات الصهيونية، في ما يطلق عليه زورا وبهتانا حرب 1948،كما أن السعودية أجهضت ثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة ،من خلال إقناع القيادة الفلسطينية بأن قرار إقامة الدولة الفلسطينية في جيب الملك فهد،وقد فرضت على مؤتمر داكار الإسلامي إلغاء الجهاد،وقدم الملك فهد مشروعا للسلام في قمة فاس 1982،وتلاه الملك عبد الله الذي قدم ما يطلق عليها المبادرة العربية للسلام وتعطي الصهاينة الحق في الإستيلاء على كامل فلسطين وفرضها على قمة بيروت العربية عام 2002،وها هو بن سلمان يتبنى صفقة القرن التي تشطب القضية الفلسطينية لصالح الصهاينة ،والأرهدن الرسمي”الهاشميون “لصالح آل سعود،ولا ننسى أن العمل جار لإيجاد قطعة أرض مناسبة لإقامة سفارة للسعودية في القدس المحتلة ،وقد تم مؤخرا إفتتاح قنصلية سعودية في تل أبيب والبقية تأتي………