بلال الغالب
التهافت على الأسواق في رمضان: بين الحاجة والهوس الاستهلاكي
مع اقتراب شهر رمضان الفضيل تتكرر نفس المشاهد كل عام ازدحام شديد في الأسواق، عربات تسوق ممتلئة فوق الحد، وطوابير طويلة أمام المحال التجارية. مشهدٌ بات مألوفًا لكنه يطرح تساؤلاتٍ جدية حول السلوك الاستهلاكي الذي يتحول في هذا الشهر المبارك من الاعتدال إلى الإسراف، ومن التدبر إلى الهوس بالتخزين.
هل هو استعداد أم استنزاف؟
من المفترض أن يكون شهر رمضان شهر الزهد والتقشف، شهر الشعور بالفقراء والتقرب إلى الله عز وجل لكنه في مجتمعاتنا أصبح موسمًا للاستهلاك الجنوني. الأسر تندفع لشراء كميات هائلة من المواد التموينية وكأنها تستعد لحصار طويل، رغم أن الأسواق متاحة طوال الشهر، والإمدادات لم تتأثر.
التهافت غير المبرر على السلع يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب زيادة الطلب، مما يضر بالفئات الأقل دخلًا، ويجعل كثيرًا من الأسر الفقيرة تعاني في الحصول على الأساسيات. أليس هذا تناقضًا مع روح رمضان الذي يُفترض أن يكون شهر الرحمة والتكافل؟
إفطار الصائم أم سباق التبذير؟
المفارقة الكبرى أن هذا الإنفاق المفرط لا يتناسب مع حجم الاستهلاك الفعلي. كم من طعامٍ يتم شراؤه ولا يُؤكل؟ وكم من موائد عامرة ينتهي بها المطاف إلى حاويات القمامة؟ الإسراف في الطعام وتحضير كميات هائلة من الأطباق يتناقض مع جوهر الصيام، الذي يهدف إلى تهذيب النفس وليس إغراقها في الملذات.
دور الإعلام والتجار في تعزيز الظاهرة…
الإعلانات التجارية تلعب دورًا كبيرًا في تكريس هذه الثقافة، فالمحال والأسواق تبدأ حملات ترويجية مكثفة تحث المستهلك على شراء المزيد، فيما تستغل بعض المتاجر هذا السلوك لرفع الأسعار. كما أن الإعلام يساهم في نشر ثقافة المبالغة من خلال برامج الطهي التي تركز على الأطباق الفاخرة، متجاهلة البساطة التي يُفترض أن تسود في هذا الشهر.
رمضان فرصة للمراجعة، لا للمزايدة الاستهلاكية…
ما نحتاجه ليس تكديس المواد الغذائية، بل إعادة النظر في عاداتنا الاستهلاكية. رمضان فرصة للعودة إلى القيم الحقيقية التي تحث على الاعتدال والتوازن، وليس مناسبة للاستنزاف المالي والإسراف في الطعام. على المستهلك أن يكون واعيًا، وألا ينساق وراء موجة الشراء الهستيري التي تضر أكثر مما تنفع. وعلى التجار أن يتحلوا بالمسؤولية بدلاً من استغلال حاجة الناس.
فلنجعل هذا الشهر موسمًا للعبادة و التقوى والورع ، لا موسمًا للاستعراض والتبذير.
#جراد
#ازمة
#شهر_رمضان