ايمن الشبول
لا شك أن انتقاء الإسم الجميل للإبن ، يمثل حلقة مهمة ضمن سلسلة حلقات طويلة في تربية وإعداد وتوجيه الأبناء …
عندما ينتقي الوالد لأبنه الإسم الجميل والذي له وقعه ودلالاته ومعانيه … فلا شك بأنها بدايات تربوية موفقة ومهمة من قبل الآباء ، وهذا الإسم المعير والجميل هو أمل الوالد المعقود على ولده … كما أن هذا الإسم الجميل والمعبر يمكنه أن يشجع صاحبه ويحفزه لمواصلة السعي والجد والإجتهاد لكي يثبت جدارته بالإسم الذي يحمله ، وليكون له من إسمه الجميل والمعبر نصيب …
إن إسم ‘ خالد ‘ ؛ له متطلباته وله ما بعده من التربية والتعليم والتوجيه والإعداد ؛ واسم ‘ صدام ‘ ؛ له متطلباته الكبيرة في التربية والإعداد والتعليم … الخ .
ولكن المشكلة الحاصلة في مجتمعاتنا … ؛ أن كثيرا من الآباء يجمدون دورهم التربوي والتوحيهي عند خطوتهم الأولى وهي : خطوة انتقاء وإختيار الأسماء الجميلة والعظيمة والمعبرة للأنباء …
شاهدنا كثيراً من الآباء اختاروا لأبناءهم أسماء لقادة عظام ؛ جاهدوا الشرك والكفر ونصروا الإسلام ؛ أسماء لها دورها وصداها ولها وقعها الكبير على النفوس ، اسماء لها دلالتها ومعانيها العظيمة عند الناس … ولكننا اكتشفنا بأن الوالدين لم يتابعوا ما بدأوه عند تسميتهم الموفقة للأبناء ، وبعض من الآباء عاكس دلالات ومعاني تلك الإسماء التي انتقوها لإبناءهم ؛ ودفعوا الأبناء لوجهة دنيوية بعيدة كل البعد عن دلالات ومعاني أسماءهم …
وبعض من الأسماء الجميلة بشعها حاملوها ؛ وبعض من الناس شوهوا الدلالات العظيمة لأسماءهم ، ونفروا الناس منها وأساءوا إلى كل معانيها الجميلة …
صلاح الدين الأيوبي ؛ بطل إسلامي جدد الدين وأيقظ الروح الجهادية لدى المسلمين ، وجاهد الصليبيين وحرر القدس وفلسطين ؛ ولكننا وجدنا أن بعضا ممن حملوا إسم ؛ ‘ صلاح الدين ‘ ؛ حاربوا الدين واساءوا إليه وعمقوا جراحات وأوحاع الأمة …
آلاف من المسلمين حملوا اسم ؛ نور الدين أو ضياء الدين أو عز الدين أو نصر الدين … ؛ ولكن كثيرا منهم كانوا نقاطا سوداء وبقعا مظلمة قاتمة في تاريخ الدين والأمة ….
‘ محمد ‘ ؛ إسم عظيم إنتقاه رب العالمين لخير خلقه ، إنتقاه رب العالمين لخاتم الأنبياء والمرسلين ولسيد الأولين و الآخرين ولحبيبه ؛ محمد – عليه الصلاة والسلام ؛ ولكن ؛ بعضا ممن حملوا هذا الإسم العظيم لم يقدموا شيئا لرسالة ‘ محمد ‘ ، وعاشوا عيشة الجاهليين ، ولم يتاسوا بأخلاقه العظيمة وبسيرته العطرة …
خلاصة الأمر :
انتقاء الاسم الجميل شيء جميل ؛ ولكن الإسم يجمله ويصنعه ويسوقه ويخلده صاحبه … ؛ يصنعه صاحبه بعطاءه الدائم ، ويسوقه بسيرته العطرة وبحسن وجمال أخلاقه …
كثير من الأسماء بدت وللوهلة الأولى غريبة على مسامع الناس … ؛ ولكن وبعد فترة من الزمن ؛ جملها أصحابها في أعين الناس بحسن الاخلاق وبجميل عطاءهم وبطيب معشرهم وحسن أخلاقهم ؛ حتى أحبهم الناس وسموا أبناءهم بنفس أسماءهم …
في تاريخنا الإسلامي وجدنا كثيرا من الأسماء التي نالت القبول وخلدت في ذاكرتنا الإسلامية ؛ على الرغم من كونها أعجمية ؛ ( بيبرس ، قطز ، قلاوون ؛ ارطغل ، … الخ ) ؛ أسماء أعجمية رسخت في ذاكرة الأمة ، ونالت الإحترام والتقدير عند الناس وخلدها أصحابها وإلى قيام الساعة …