د. محمد القضاة
الأردنيون والهاشميون عقود من الحب
د. محمد القضاة
أفرزت سنوات الربيع العربي وتوابعه وزوابعه الكثيرة الكثير من المعطيات الايجابية والسلبية، وأثارت العديد من الأسئلة، وقد اعطت دروسا وعبرا لم تنته ولا تنسى على امتداد المنطقة برمتها؛ وما يهمنا الحالة الاردنية بتجلياتها وتداعياتها والعلاقة بين الاردنيين والهاشميين على مدار عقود امتازت بالتقدير والاحترام، ولا أجمل من أن يتعانق الحب بالجد والود بالمثابرة والتغيير بالإصرار والبناء، والقائد بأسرته في رغبة واحدة أساسها الاحترام والإبداع والعطاء، هكذا يترجم الاردنيون علاقتهم بالهاشميين وباستمرار ومن يقرأ هذه العلاقة بعمق وروية يعرف اننا في عقد متين أساسه ونهجه بناء الأردن الحديث القادر على مواكبـة التطور والتقدم وفق معطيات العصر، ومن يقرأ أحاديث الملك في كل اللقاءات والحوارات يدرك انه يركز على التفرد والنوعية في مختلف مستويات البناء المعرفي والتقني والثقافي، ولا تقتصر رؤيته على جانب بعينه؛ وإنما نراه يؤسس لعقد اجتماعي يقوم على الحرية والوعي والاتقان وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة على مبدأ الـمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وتشجيع الإبداع والتميز والعمل التطوعي وتكريس ثقافة الحوار والقيم الديموقراطية واحترام الرأي الآخر، ويؤكد دائما على دور الشباب وضرورة استثمار طاقاتهم ومواهبهم في إحداث التغيير الإيجابي في كل ميادين العمل، إضافة إل المشاركة في الحياة السياسية التي تمكنهم من المشاركة في صنع القرار لبناء المستقبل الأفضل لهم وللأجيال القادمة، ورغبته في هذا الشأن واضحة وصريحة وجادة وتؤكد الحُبِّ والوَفاءِ. وها هم الأردنيون في كل مكان يمدون ايديهم لقائدهم بود وحنان واطْمِئنان، وغالبا ما تجده بينهم يساندهم ويقدم لهم يد العون والمساعدة، والعلاقة بين الاردنيين والهاشميين تسَطَّرْها صَفَحات مُشْرِقة بالاندغام والتقدير والاحترام، واقول للأردنيين: أيُّها الرِّجالُ الرِّجال يا جُنْدَ الوَطَنِ وَحُماتَهُ المُتَسَلِّحينَ بِالْعِلْمِ والمَعْرِفَة لقَدْ وَصَلْنا مع الهاشميين إلى مَحَطَاتٍ غنية بالحب تمْتَدَّ عَبْرَ عقود مِنَ التَّضْحِيَةِ والعَطاءِ، تَخَلَّلَتْها مَسيرَةُ عِزٍّ وَفَخارٍ، هيَ سيرةُ الاسرة الهاشمية الْعَطِرَةُ البُناة الحُماة، دُعاة العِلمِ والفِكْرِ والمَعْرِفَةِ في فَضاءِ الزَّمَنِ المُشْرِقِ.
وأقول إن قراءة سيرة الملك ولقاءاته تكشف ابعادا كثيرة محلية واقليمية ودولية؛ محلية باحترامه لمتطلبات المجتمع الاردني وفهمه العميق للحراكات التي حافظ عليها واحترمها وسجل أمام العالم أنّ الدم الأردني أغلى من المناصب والمكاسب؛ إضافة إلى رؤية سديدة توسس لكيفية ادامة الحكم الرشيد والتعامل مع الشعب الأردني بالوانه واطيافه ومفارقاته، وهذا يؤكد الحاجة الى فهم متطلبات الحرية والديمقراطية بمواصفاتها المحلية والاقليمية بعيدا عن الوصفات الغربية؛ ومن يتابع لغته مع الناس في الشارع والوزراة والجامعة وفي كل مكان يشعر بلغة الوضوح والصلابة والحزم، فما أحوجنا الى مثل هذه الحكمة لقراءة وقائع العلاقة بين الملك وشعبه وعلاقته بمحيطه الاقليمي وحتى الدولي، كي نعرف ما ننعم به من نعم لا تعد ولا تحصى فلنتق الله في بيوتنا وأسرنا ومجتمعنا ووطننا. والاردن هو همّ الملك الحقيقي، ومن حقه علينا أن نقرأ بعمق كيف يفكر بالليل والنهار للخروج من أزمته الاقتصادية، وعلى الرغم من الظروف الصعبة غير أنه لا تجد دولة عربية واحدة بمثل ظروف الاردن قادرة على اجتياز مشكلاتها، والاردن بفضل الله وحنكة الملك ووعي الشعب الاردني باطيافه كافة يتعافى ويمضي في خططه ومشاريعه، ولذلك لا يجوز لأحد فيه ان يتنكر لمنجزاته وتعامله الحضاري وظروفه الاقتصادية الصعبة ولدوره الاقليمي في نصرة المظلومين والمهجرين ولعظمة رسالته، وهنا كم يتمنى المرء على الاطياف السياسية خاصة المعارضة ان تتأمل واقع الأردن ونظرة العالم الحر لهذا البلد، نعم الأردن يجب ان يبقى الأنموذج؛ لأنه يتعامل منذ تأسيسه بشفافية وبساطة وموضوعية عالية، وما حصدته المعارضة من احترام وتقدير في بلدهم الأردن لم يجده اقرانهم في البلاد العربية قاطبة، علينا ان نقف مع الأردن وقيادته في هذه الظروف الدقيقة، وأن نعمل بصمت وصدق حتى يتجاوز الأردن تحدياته الاقتصادية, ويدا بيد مع القيادة الهاشمية للوصول إلى بر الآمان والاستقرار والحرية وتعزيز الديمقراطية التي يتبناها الملك شخصيا وتطمح إليها أطياف المجتمع الاردني كافة.
إن جهد جلالته وحرصه على الأردن وشعبه يجسد فينا كيف نعمل ونواصل المشوار كل من موقعه، إذ لا مجال للتواكل والتقاعس، لا بد من العمل والإخلاص والتفاني حتى نصل إلى الهدف، على أن نحدد مسؤولياتنا التي تعتمد على الاستعداد النفسي والعقلي والتمييز بين ما هو نافع وما هو ضار، وان نقارن ونوازن بين إمكانياتنا وطموحاتنا لكي نصل في النهاية إلى أردن منيع نسعى فيه جميعاً مع جلالته إلى تشكيل النموذج الديمقراطي في منطقة حبلى بالتحديات والأحداث, وعلينا أن نسخر قلوبنا وعقولنا وفكرنا وأقلامنا لقراءة الفكر الملكي الذي يحس بنبض الشارع ويطمح فيه الوصول بالاردن إلى مستوى الدول لمتقدمة؛ تلك الدول التي خاضت غمار التجربة وأصبحت في المقدمة رغم كل التحديات التي واجهتها، فلنعد العدة ولنمضي إلى الإصلاح والتحديث والتطوير، وليبارك الله هذه العلاقة المباركة بين الاردنيين والهاشميين، ولنضع أيدينا بيده في سبيل الأردن الذي يجب أن ينهض فيه الجميع بمسؤولياته بكل اهتمام واحترام وانسجام وفعل لا يقدر بثمن, وتحية صادقة لجهوده المخلصة ورؤيته السديدة وخططه الطموحة لتحسين الأداء العام والوضع الديمقراطي والاقتصادي وتهيئة سبل العيش الكريم لبلدنا العزيز.