د. سامي الرشيد
ارادة الحياة
لقد وصل هتلر للسلطة بانتخابات ديموقراطية عام 1933م استغل بها شعور الأحباط، التي كان يعاني منها الشعب الألماني ،بعد الهزيمة في الحرب العالمية الأولى،والتسويات المذلة بعدها ثم كان ما كان من نظام شمولي سياسي ديكتاتوري ،لم تقتصر تداعياته الكارثية على الشعب الألماني فقط ،وانما دفع العالم كله ثمنا باهظا نتيجة للسياسات التوسعية لهتلر .
في الأنتخابات النيابية قد تأتي هذه الأنتخابات بالأغنياء الذين يستثمرون اموالهم في جمع الأصوات وشراء الضمائر،أو بالمستندين الى انتماءات عشائرية أو دينية أو قبلية ،بغض النظر عن الكفاءة ،وفي الأستفتاءات ثبت أنه ليس من المؤكد ان تكون خيارات الرأي العام رشيدة دائما وقد اختارت بريطانيا في استفتاء خروج بلدهم من الأتحاد الأوروبي ،مع أنه قطاع واسع من المحللين والخبراء ،كان يرى ان هذا الخيار لا يصب في المصلحة الوطنية ،وبسبب المشاعر القومية القوية صوت أكراد العراق لصالح دولة مستقلة ،كان الجميع يعلم سلفا أنها لن تكون قابلة للحياة لأعتبارات داخلية وخارجية ،وسرعان ما تأكد هذا بعد الأستفتاء بمدة وجيزة ،ويجب أن يكون واضحا أن الأمثلة السابقة تنطبق على الأنتخابات والأستفتاءات النزيهة لأن غير ذلك لا علاقة له بالديموقراطية أصلا ،وعلى الفور سوف يفسر البعض التحليل السابق بأنه مناهض للديموقراطية وهواستنتاج غير صحيح ،لأن الغرض منه التنبيه الى ان الظواهر السياسية شديدة التعقيد وأنه من الخطأ النظر اليها من جانب واحد ،أما الديموقراطية فتبقى أفضل نظام للحكم وعيوبها أقل بكثير من أي نظام آخر .
من أهم أبعاد هذه الأفضلية أنها تتضمن آليات تصحيحية طالما بقي جوهرها الديموقراطي قائما ،وأهم هذه الآليات في الانتخابات الدورية والحريات السياسية والأعلامية التي تمكن معا من التقييم الدائم لمخرجات النظام الانتخابي بالنقد الدائم لأداء المسؤولين ،وثم من امكانية تصحيح خيارات الناخبين مع كل انتخابات جديدة ،ناهيك لوضع حد زمني اقصى لتولي المسؤولين الحكم .
تعد حالة الرئيس الامريكي الحالي مثالية في هذا الصدد،فقد وصل للرئاسة بالآلية الانتخابية وان كانت الملاحظة واجبة ابتداء لحقيقة ان النظام الامريكي المعقد لانتخاب الرئيس هو نظام المجمع الانتخابي او الكلية الانتخابية ،يسمح بأن يفوز بالرئاسة من لم يحصل على اغلبية الناخبين وهذا ينطبق على كل مرشح وليس ترمب وحده لان اصوات ممثلي الولاية في المجمع الانتخابي ،تذهب كلها لصالح المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات فيها ، وهو ما حدث مع الرئيس الحالي حيث تفوقت عليه منافسته هيلاري كلنتون في الاصوات المباشرة للناخبين بنحو ثلاثة ملايين ناخب في الانتخابات – مع العلم ان هذا النظام يطبق على كل مرشح للر ئاسة – وفد نجح في استثمار مشاعر معينه ،لدى قطاعات ثبت انها واسعة من الامريكيين مثل البيض ،وأتباع ما يسمى بالصهيونية المسيحية الذين كان نائبه فاعلا في حشدهم ،وبطبيعة الحال اللوبي الصهيوني فضلا عن العمال الذين أفقدتهم العولمة وظائفهم وغيرهم ،واستخدم ترامب شعارات عاطفية رنانة مثل أمريكا أولا ،واستعادة أمريكا العظيمة ،وتخليص الشعب الامريكي من حكم مؤسسة واشنطن ،وكانت نتيجة هذا كله ان وصل للحكم شخص ليست لديه خبرة سياسية ،وهو الأمر الذي نراه منعكسا بوضوح في الارتباك الجلي داخل داخل ادارته ،كمايبدو بصفة خاصة في تناقض كثير من المواقف بينه وبين أركان ادارته ،وبصفة خاصة وزيري الخارجية والدفاع ،ناهيك بالعديد من التصريحات التي تحمل نبرات تهديدية في مواجهة كوريا الشمالية وايران وغيرهما،دون مبرر ودون ان يفضي لشئ عملي ،كما يضاف الى هذا الى سرعة معدل الخروج من ادارته لاسباب مختلفةوقدرته غير مسبوفة على كسب الاعداء ، كما في حلفائه في حلف الاطلنطي والاتحاد الاوروبي ،وشركائه في اتفاقيات التجارة الحرة متعددة الاطراف والدول الاسلامية والمسيحية الذين منع مواطنوها من السفر للولايات المتحدة وعموم المسلمين والمسيحيين الذين أغضبهم بقراره الخاص بالقدس .
واخيرا الدول الافريقية التي وصفها باجتماع مغلق بأنها حثالة وذلك دون ان يذكر عن سلوكه الشخصي ومايثار حوله .
بملاحظة أخرى نشر في عدد من المواقع من بينها الروسية ،ودير شبيغل الالمانية وموقع اكسبريس اون لاين ،وثيقة نسبتها التقارير الى محلل وزارة الدفاع الالمانية ،ان المنظور الاستراتيجي للاتحاد الاوروبي بأنه سيتفكك في عام 2040م،ووضعت عدة سيناريوهات حول تفكك الاتحاد الاوروبي ،وتلجأ امانيا للتدخل السريع ،وتنبأوا بخروج بلدان من الاتحاد الاوروبي بعد خروج بريطانيا ،وتشكيل كتلة من اوروبا الشرقية بعد انسحابها من الاتحاد الاوروبي وهو مايعيد للاذهان كيف كانت اوروبا قبل انهيار الاتحاد السوفياتي ،والحرب الباردة من انقسامات وتفتت،حيث كانت احداها شرقية يمثلها حلف وارسو والاخرى غربية يمثلها حلف الناتو ،اما السيناريو الآخر قيحمل عنوان المنافسة متعددة الاقطاب ،وتوقع انتشار التطرف بشكل يزيد من ضعف اوروبا مقابل تنامي النفوذ الروسي ،والسيناريو الآخر تحدث عن انتقال البلدان الاوروبية الى نظام رأسمالية الدولة ونهاية العولمة .
لذا نرى ان التفكيك ليس حصرا على العرب ودولهم وانما قد يطال العالم كله .
نذكر ان تونس الخضراء قد انجبت شاعرا شابا لم يعمر طويلا انه ابو القاسم الشابي التونسي(1909-1934)لكنه ترك قصيدة بعده هي ارادة الحياة حيث يريد الشعب صيحة الامل ،صيحة الربيع لشعوب المشرق والمغرب ،فهل يتحقق ذلك؟
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد انيستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر .