عاهد الدحدل العظامات
ربما لم يحن موعدُ اللقاء بعد ، لكنه كما عادته يشرفني دائماً في منامي, يجلسُ بجانبي , يبتسم لي, ويستمع لكلماتي التي اُلقيها على مسامعه, ويبادلني الحديث.
تارةً أراني مبتسماً ؛وتارةً أُخرى أجدني باكياً ولا اعلم ما السبب ؛ لعله الشوق لحُلمً طال انتظاره.
لكن ما يُدهشني في حضرة الملك طلاقةُ لساني التي لم أعتاد عليها في الواقع, وما يُذهلني ويجعلني لا أُريد الاستيقاظ غير أني في صحبته بمفردنا ولا
يُرافقنا أحد, عتقُ كرسيي لي ومغادرته لحظات الحلم وتركي اُمضيها وكأنما لو أني لستُ من أصحاب الكراسي العاجزة, فلحظة نسيرُ سوياً في طريقا يكتنفه الجمال, ومرةً نركبُ دراجة هو يقودها, ومرةً نُحلق في طائرته
ونجول السماء. أحداثٌ حقيقية تحدثُ في منامي في كل ليلة زيارة, فالملكُ لا يُقاطعني ولا يطول في غيابه, كل بضعِ ليالٍ هو يزورني, يبتسم لي, يستمعُ لكلماتي التي اُلقيها على مسامعه, ويبادلني الحديث ثم ينتهي كل هذا في لحظة استيقاظ
تُزعجني كثيراً وتُحزنني أكثر.
لكن اللقاء الأخير كان مختلفاً, كنتُ في حالة حزنٍ على إخفاقي في سعيي لتحقيق هدفٍ جاهدتُ وحاولتُ لأجله مراراً, تركتُ الجميع خلفي يُناديني أن أرجع, لكني أسرعتُ المسير بمساعدة كرسيي إلى مكاني المُفضل في مثل هذه الحالات
التي أكون عليها, فهناك ما مِن سامعاً لي إذا بكيت أو صرخت إلا الله الذي لا يحتاج اللجوء إليه كل هذه المحاولات والمعاناة والإنتظار لفترات وربما سنوات, هناك لن يُخجلني ذرف الدموع المقهورة, هناك ما مِن بشرٍ سيمدُ يده لي ويساعدني على النهوض إلى كُرسيي مُجدداً
بعد أن كان سقوطي, تعودت في كل مرةٍ أن أبكي, أن أصرخ, أن أسقط, ثم اُعاني وحيداً في النهوض… وأنهض وأعود من حيث أتيت, لكنها الاولى التي مُدت يدٌ لي وساعدتني ومسحت دموعي وأسكتت صُراخي ثم أخذت مني الورقة التي بللتها ماء العيون وراحت
تقود كرسيي…إنه الملك عبدالله رافقني طريقُ العودة وبدأ يقرأُ قصيدتي المُهداة له في عيد ميلاده…