رنا حداد
لم تعد الحروب الحديثة تعتمد فقط على العتاد والسلاح التقليدي، بل باتت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من المعارك والتحديات الأمنية. اليوم، تتحرك الطائرات المسيّرة في السماء كجزء من المشهد اليومي للحروب، وتلعب أنظمة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني دورًا أساسيًا في حماية الدول ومقدراتها. من هنا، يبرز سؤال منطقي: كيف يمكن أن تبقى خدمة العلم محصورة في التدريب التقليدي بينما يفرض الواقع تحديات جديدة؟.
إعادة تفعيل خدمة العلم في الأردن ليست مجرد استدعاء لتجربة قديمة، بل هي فرصة لإعادة صياغتها بما يتلاءم مع معطيات العصر. فالشباب الأردني اليوم لا يحتاج فقط إلى الانضباط العسكري واللياقة البدنية، بل إلى التدريب على تشغيل المسيّرات، التعامل مع الأنظمة الإلكترونية، حماية الفضاء الرقمي، وحتى المساهمة في الابتكار الدفاعي.
هذه النقلة ليست رفاهية، بل ضرورة لردم الفجوة بين الجيل الجديد والتطورات المتسارعة في ميدان الدفاع.
من يتابع خطوات ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، يدرك أن عينه دائمًا على المستقبل. اهتمامه بالشباب، بالتعليم، وبالتكنولوجيا، يجعل من المؤكد أن خدمة العلم في رؤيته لن تكون تكرارًا للماضي، بل منصة لإعداد جيل قادر على حمل السلاح بيد، والتقنية باليد الأخرى. وبهذا، يصبح المجند الأردني نموذجًا للشاب القادر على مواجهة التحديات التقليدية والحديثة معًا.
دمج التقنيات الحديثة ضمن برامج خدمة العلم يعني أننا لا نُحصّن وطننا أمنيًا فحسب، بل نمنح شبابنا فرصة لاكتساب مهارات قابلة للتطبيق في حياتهم المهنية لاحقًا. فالشاب الذي يتدرب على تشغيل المسيّرات أو حماية الشبكات الإلكترونية، يخرج بخبرة يمكن أن تخدمه في سوق العمل المدني أيضًا. بهذا الشكل، يصبح الانتماء للوطن ممزوجًا بالقدرة العملية على المساهمة في تقدمه.
الأردن، برؤيته الواقعية والمتوازنة، يعرف أن حماية الوطن اليوم لا تقتصر على الحدود الجغرافية فقط، بل تمتد إلى الفضاء الرقمي والسماء المفتوحة. لذلك، فإن إدماج التكنولوجيا في خدمة العلم يضع المملكة في موقع متقدم إقليميًا، ويؤكد أن الأردن ماضٍ بخطى واثقة في تعزيز أمنه الوطني عبر أجياله الشابة.
إن خدمة العلم ليست مجرد فترة يقضيها الشاب في الثكنات، بل هي عهدٌ بينه وبين وطنه. وعندما تمتزج هذه الخدمة بروح العصر وتقنياته، فإنها تصبح مدرسة للولاء والانتماء والعمل من أجل المستقبل. الشباب الأردني هو سلاح الوطن الأقوى، وولي العهد برؤيته العميقة يضعهم في قلب مشروع الدولة الحديث، ليكونوا الحُماة والأمل في آنٍ واحد.
فليكن تجنيدنا اليوم تجنيدًا للعقل كما هو للجسد، ولتكن خدمة العلم بوابة نحو شبابٍ يعرف كيف يحمل البندقية، وكيف يُشغّل المسيّرة، وكيف يحمي الوطن في الميدان وعلى شبكة الإنترنت. هذه هي الرسالة التي تنتظرنا، وهذه هي الرؤية التي لا تغيب عن عين ولي العهد، ولا عن قلب كل أردني صادق الانتماء.
خدمة العلم يجب أن تكون منصة وطنية للتأهيل تتضمن تدريب عسكري للدفاع عن الوطن إلى جانب مسارات مهنية وتقنية بالتعاون مع مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير، هيئة تنظيم الاتصالات، التدريب المهني، الأمن السيبراني وشركات محلية وعالمية، نثق بهذه الخطوة ونباركها من القلب لانها لقلبنا النابض.. الأردن.