الاب رفعت بدر
على مدار خمسة أيام، حط قرابة الألف شخص الرحال في مدينة –بل جزيرة- لينداو الألمانية الواقعة على الحدود النمساوية وعلى بحيرة كونستانس. وقد سميت لينداو نسبة إلى Linden أي شجرة الزيزفونة باللغة العربية والتي تغنى بها فناننا الراحل توفيق النمري.
اجتمع إذاً ممثلون عن 125 دولة ومن مختلف الأديان في العالم ليشكلوا الطبعة العاشرة للقاء منظمة الأديان من أجل السلام Religions for Peace، وهنا أشير إلى خمس نقاط:
أولاً: اعتبر هذا التجمع من أكبر المؤتمرات الدولية المتعلقة بالأديان, من ناحية عدد الحضور وكذلك من ناحية تنوع الأديان ودعوة ما يسمى بالأقليات، او التجمعات الدينية قليلة العدد، والتقاليد الدينية للمشاركة. وكم كان مؤثراً الذهاب في رحلة مشتركة على سفينة واحدة على بحيرة كونستانس، وكأنها كما قال كثيرون سفينة نوح الجديدة التي تحمل كل الأديان والاثنيات.
ثانياً: تم التركيز على خمسة مواضيع تعتبر بمفهوم الأمم المتحدة ركائز سيتشكل حولها النهج الفكري الذي ستقام حوله المؤتمرات وورشات العمل الاقليمية والدولية في قادم الايام، وهي: البحث والعمل على ايجاد السلام الايجابي، ومنع وتبديل الصراعات العنيفة، وتحفيز المجتمعات العادلة والمتناغمة، والحث على نمو انساني متكامل، وحماية البيئة والأرض.
ثالثاً: تم افتتاح صرح جديد دُعي بخاتم السلام Ring for Peace، وسيبقى في مدينة لينداو، وشارك فيه الممثل الأعلى في الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، وهو وزير خارجية اسبانيا الأسبق ميجيل موراتينوس، الذي يحب الاردن كثيرا، وقال علينا إعادة الحديث عن السلام بدل الأمن فقط، واستخدام مصطلح التحالف عوضاً عن الحوار التقليدي، والعيش معاً عوضاً عن التعايش، والمواطنة عوضاً عن مجرد التسامح.
رابعاً: وهذا فخر لكل انسان عربي وبالأخص للنساء في مجتمعاتنا العربية، وهو خبر انتخاب السيدة المصرية عزة كرم وهي تعمل أصلاً في مكاتب التنمية في الأمم المتحدة وقد انتخبت أميناً عاماً جديدا لمنظمة أديان من أجل السلام، خلفاً للدكتور الذي أمضى 27 عاماً في خدمة المنظمة، أي وليم فندلي الذي ارتبط اسمه بأديان من أجل السلام، وقدم له المشاركون كل الشكر والتقدير.
خامساً وأخيراً: شارك وفد أردني بالمؤتمر، وكان هنالك مداخلة لكاتب السطور حول اعادة تقديم اللاعنف للشباب كنهج «جميل» لحياة كريمة، بدل التوجه للالتحاق بتنظيمات متطرفة عنيفة. وشارك الوفد بلقاء جمع ممثلي الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتم الحديث عن كيفية استمرار التعاون الشرق اوسطي، لكي تكون المشاركة العربية أكثر فعالية وديمومة وتنظيما.
دخلك يا لينداو… دخلك يا زيزفونة… انشري رسالة الأديان من أجل السلام.