عبدالهادي راجي المجالي
(أبو مطلق)
عبدالهادي راجي المجالي
غادر شاهر الحديد العمر , دون أن يخطر أحدا .. وعلى عجل من الأيام …ذاك الأسمر البدوي , الذي امتهن الفن والحياة , والنجاة في كل منعطف .. ولكن القلب خذله.. فترجل عن حصان العمر .
يوم الخميس الماضي , ذهبت إليه للمشفى , وجلسنا ساعة كاملة , نتحدث عن القلب وأمراض القلب , وعن مشاوير في العمر تركناها وعلينا بعد العملية الجراحية أن نكملها وتحدثنا عن الاصدقاء ومن أتى منهم ومن لم يحضر , تحدثنا عن مشهور ..ونحن في كل جلسة نستغيب مشهورالحديد شقيقه , وتحدثنا من ضمن ما تحدثنا ..عن البلد وأخبار البلد وقلت له حين هممت بالمغادرة :- حسنا سأزورك في المدينة الطبية …
…. لكني لم أزره , فقد عرفت فيما بعد أنه متعب جدا … حسنا يا صديقي وأخي ورفيق كل المشاوير والخطى القلقة , دعني اقول لك بكل مافي هذا الجسد من دمع ودم :- رحمة الله عليك …وأنا حزين جدا جدا , من أعلى رأسي حتى اخر دمعة بي..حزين عليك , لأنك كنت طيبا ..وكنت البدوي الذي قاتل في الفن والحياة وترك بصمته في كل مكان عمل فيه , حزين عليك ..لأني سأفتقد تلك المشاوير التي كنا نمضي فيها حين يبلل أيلول الشوارع ..ولا ندري إلى أين تأخذنا السيارة ..حزين عليك يا شاهر , لأني سأفتقد من أشكو له الأيام .. وبؤس المشهد , وحزين على سمرتك وحضورك والسيجارة التي ترنحت بين يديك أعواما …وعلى فتية من عيال الحديد أولهم راكان كانوا يلتفون حولك .. في المساء , وتدللهم .. تماما كما يدلل الحمام بالهديل أفراخه ..
نم في مستقرك الأخير , مرتاحا قرير العين , فقد كنت كريما من دون حدود تماما مثل المدى من دون حدود …لم تقم وزنا للمال أو للموقع … كنت تنظر للأيام من زاوية الرضى وحده , وكنت قنوعا بكل ما يحدث وما سيحدث …
نم قرير العين , يا أخي وصديقي ..وأنا لن أكمل مقالي , صدقني إن الدمع يترنح بين محجر العين والورقة , وصدقني إنها المرة الأولى منذ زمن والتي أكتب فيه بدمعي وليس بحبري …لهذا سأترك للدمع أن يكمل المقال فيك , فما عاد للحبر أو للقلم طاقة ….
رحمة الله عليك …يا أخي وصديقي ورفيق دربي …يا شاهر .