المعتصم بالله الفطيمات يكتب :
في الأردن، تتكرر الشكوى من ضعف التعليم، وتُلقى التهمة على المدرسة والمعلم والمناهج، وكأنها وحدها المسؤولة عن تراجع القيم والسلوك والمستوى الأكاديمي للطلاب. غير أن الحقيقة — التي يتجاهلها كثيرون — أن الأزمة أعمق من ذلك بكثير؛ إنها أزمة تربية قبل أن تكون أزمة تعليم.
فسلوك الطالب في المدرسة ليس وليد الحصة الصفّية، بل هو حصيلة تربيةٍ بيتيةٍ سابقة، تتكوّن ملامحها الأولى في حضن الأسرة. ومن الخطأ أن نطالب المعلم بإصلاح ما أفسده غياب التوجيه المنزلي، أو أن نُحمّل المدرسة عبء غفلة الأهل. وشَتّان ما بين الثَّراء والثُّريّا؛ فالأب الذي يغمر ابنه بالمال وينسى غرس القيم، إنما يُخرّج جيلاً يعرف “السعر” ولا يعرف “القيمة”.
كم من أبٍ يُطعِم ولا يُربّي!
يظنّ أن واجبه يُختزل في توفير الطعام والملبس والمصروف، وينسى أن التربية هي أعظم مسؤولية في عمر الأبوة. فحين يغيب الأب عن متابعة ابنه، ويتركه رهينة الشارع أو الهاتف، لا يحقّ له أن يتساءل لاحقًا: من أين جاء هذا الانحراف؟
أيها الآباء، أفيقوا من هذا السُّبات!
فأنتم لستم ممولين، بل صُنّاع أجيال.
لقد بات واضحًا أن أي إصلاحٍ تربوي في المدارس لن يُؤتي أكله ما لم يسبقه إصلاحٌ في البيت. فالمجتمع الذي يتهاون في التربية الأسرية، سيحصد فوضى قيمية لا ينفع معها تطوير المناهج ولا استحداث الامتحانات.
إن الدولة — مهما بلغت سياساتها التعليمية من تطور — لا تستطيع أن تُنشئ جيلًا متوازنًا دون أن يكون البيت شريكًا حقيقيًا في بناء الشخصية. الإصلاح التربوي لا يبدأ من الوزارة، بل من غرفة الجلوس، ومن طريقة حديث الأب مع ابنه، ومن القدوة التي يرى فيها الطفل معنى الرجولة والانتماء والمسؤولية.
فالتربية ليست مهمة المدرسة وحدها، بل هي مشروع وطني يبدأ من البيت وينتهي بالمجتمع.
وحين يستيقظ الأب من غفلته، ستستيقظ معه الأمة بأسرها.
#التربية_تبدأ_في_البيت
#أفيقوا_قبل_فوات_الأوان












