بقلم: الدكتورة بسمة عزبي فريحات
في العاشر من تشرين الأول من كل عام، يقف العالم وقفة تأمل في اليوم العالمي للصحة النفسية، في رسالة إنسانية عميقة تؤكد أن العافية لا تكتمل إلا بتوازن الجسد والعقل والروح. إنّ الاهتمام بالصحة النفسية ليس ترفًا يُضاف إلى قائمة الأولويات، بل هو جوهر الحياة المتكاملة، وأحد أعمدة الاستقرار الإنساني والاجتماعي.
وانطلاقًا من رؤية مديرية التربية والتعليم للواء الأغوار الشمالية التي تضع الطالب في مركز العملية التربوية، حظي الجانب النفسي برعايةٍ خاصة، إيمانًا بأن الدعم النفسي هو الأساس الذي تُبنى عليه الشخصية المتوازنة والقادرة على التعلّم والإبداع. ومن هنا جاء تعزيز برامج الإرشاد التربوي، وتفعيل مبادرات تُعنى بالطلبة الذين يواجهون ضغوطًا أو تحدياتٍ نفسية، ليجد كلٌّ منهم في مدرسته مأمنًا وسندًا لا مصدر قلق.
ويأتي هذا الاهتمام منسجمًا مع الرؤية الوطنية لوزارة التربية والتعليم، التي أولت الصحة النفسية مكانةً محورية ضمن خططها واستراتيجياتها التربوية، إدراكًا منها أن بناء الإنسان المتوازن هو الخطوة الأولى نحو تعليمٍ فعّالٍ وتنميةٍ مستدامة. فقد حرصت الوزارة على دعم برامج الإرشاد المدرسي وتمكين الكوادر التربوية، وتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تؤهلهم لرعاية الطلبة نفسيًا واجتماعيًا، في تجسيد عملي لرؤيتها التربوية المتكاملة.
إنّ المرشدين والمرشدات والمعلمين والمعلمات يؤدّون دورًا جوهريًا في ترسيخ ثقافة الوعي النفسي داخل مدارسنا، فهم مصدر الأمل وبناة الطمأنينة، يقدّمون الدعم والإرشاد لكلّ طالبٍ وطالبةٍ يحتاجان إلى الإصغاء والفهم والاحتواء. إنّ جهودهم اليومية في دعم أبنائنا وبناتنا هي ترجمة حقيقية لرسالة التربية والتعليم بأسمى معانيها.
وفي هذا اليوم، نؤكد أن العناية بالنفس ليست شأنًا فرديًا، بل مسؤولية مجتمعية متكاملة تبدأ من البيت وتمتد إلى المدرسة، وتتعزز بتعاون مؤسسات المجتمع كافة. فالطالب المتوازن نفسيًا هو نواة المدرسة الناجحة والمجتمع الآمن، والاهتمام بسلامته النفسية هو استثمار في مستقبل الوطن.
إننا في مديرية التربية والتعليم للواء الأغوار الشمالية نؤمن أن المدرسة تتجاوز دورها التعليمي لتكون بيئةً إنسانيةً تُنمّي الوعي وتبني الشخصية وتغرس القيم. ومن هذا الإيمان، نواصل التزامنا بتوفير بيئة تعليمية يسودها الاحترام والتقبّل والدعم، حيث يجد كل طالبٍ وطالبةٍ فيها مساحة آمنة للتعبير والنموّ.
إن بناء جيلٍ متوازنٍ نفسيًا هو استثمارنا الأهم في مستقبل الوطن، فبسلامة النفوس تُبنى العقول، وباستقرار القلوب ينهض المجتمع ويزدهر.
مديرة التربية والتعليم للواء الأغوار الشمالية