إنجاز – موزة فريحات
مؤسسة الإقراض الزراعي واحدة من أذرع الماكينة الزراعية التي تعمل لمثالية المشهد، ونموذجيته، تقدّم خدماتها لآلاف المواطنين إناثا وذكورا، لغايات تعظيم المشاريع الزراعية والإنتاج الزراعي، لا سيما أن قطاع الزراعة يعد من أهم القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني، ليستفيد منها حتى الآن ما يقارب 400 ألف مزارع.
وتعمل مؤسسة الإقراض الزراعي لترجمة توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم القطاع الزراعي، وجعله رائدا بين كافة القطاعات، وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي التي ركزت بعدد من تفاصيلها على قطاع الزراعة، وآليات دعمه، إذ تعمل المؤسسة بشكل حثيث لتكون ركيزة من ركائز نجاح قطاع الزراعة، بتوفير الدعم المالي كونها مؤسسة تقوم على أساس دعم المزارعين وتقديم الدعم المالي الميسر لهم.
كشف مدير عام مؤسسة الإقراض الزراعي المهندس محمد الدوجان، أن عدد القروض الممنوحة خلال الأعوام 2022-2024 بلغ حوالي 31,390 قرضا، قيمتها الإجمالية نحو 164,398,621 دينارا، مبينا أن نسبة القروض التي استخدمت فعليًا في استحداث أو استدامة المشاريع الزراعية هي حوالي 86.9%، بينما حوالي 13.1% استُخدمت لأغراض اخرى.
ولفت الدوجان إلى أن المستفيدات الإناث شكلن حوالي 34.2% من مجموع المقترضين في مختلف البرامج الإقراضية خلال هذه الفترة، وعدد فرص العمل (ذكور وإناث) ومشاريع الأفراد الممولة من قِبل المؤسسة وفرص التشغيل بلغ 65,177 فرصة خلال نفس الفترة، حسب دراسة قامت بها دائرة الإحصاءات العامة.
وأوضح الدوجان أن حوالي 89% من القروض كانت قيمتها أقل من 10 آلاف دينار. وذكر أنه تم اعتماد خطة إقراضية في موازنة 2025 بمبلغ 65 مليون دينار، من هذا المبلغ، تم تخصيص 16 مليون دينار لقروض دون فوائد للمزارعين، مبينا أن هناك برنامج تمويل ريفي مخصصا بسقف 5 ملايين دينار من خطة 2025، يستهدف أبناء الريف والبادية والنساء المتعطلين عن العمل، ضمن إطار مشاريع تفتح منافذ تسويقية للمنتج الزراعي.
ووفق الدوجان، فقد تم إقرار برنامج التأمين على حياة المقترضين من خطر الوفاة، بسقف تغطية يصل إلى 100,000 دينار حسب الأسس المعتمدة، وتم إعادة النظر في هيكل أسعار الفوائد / المرابحات الإسلامية، بخفضها نقطة مئوية واحدة، وتوحيد الشرائح من 6 إلى 3 شرائح.
وأشار إلى أنه تم تعديل فترات السداد للقروض حيث تم تعديلها لتصبح بين سنتين إلى 12 سنة بدلاً من 1 إلى 10 سنوات سابقًا.
وأوضح أن نسبة تحصيل القروض مرتفعة، بين 95%-98% خلال السنوات الأخيرة، مما ساعد على توسيع الخطة الإقراضية السنوية.
وقال الدوجان إن مؤسسة الإقراض الزراعي مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً، وهي مؤسسة عريقة تمتد بداياتها من عام 1923، من بدايات تأسيس الإمارة، ما يعني الحديث عن مائة عام من الإنجاز، وقد تعاظم دورها بشكل كبير وواضح جداً في تمويل القطاع الزراعي بحكم أنها مؤسسة متخصصة في التمويل الزراعي.
وبين الدوجان أن فلسفة المؤسسة تقوم على أساس دعم المزارعين وتقديم التمويل المالي الميسر حتى يتمكن المزارع من مضاعفة الإنتاجية وتحسين سبل العيش وزيادة دخل المزارع والقطاع الزراعي بشكل عام من خلال تقديم تمويل يصنف على أساس أنه تمويل موجه ومدعوم، يستهدف أنشطة ذات أولوية في القطاع الزراعي.
ولفت الدوجان إلى ان مؤسسة الإقراض الزراعي حالياً تتبع أساليب مختلفة وتكتيكات مختلفة فيما يتعلق بتوجيه التمويل، لأن القطاعات الإنتاجية والقطاع الزراعي بشكل عام يعاني من تحديات عميقة وممتدة تتمثل في مسائل التغير المناخي وآثاره السلبية في انحسار الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتصحر، وهذا ألقى بأثره السلبي على الإنتاجية ونوعيتها، بالإضافة إلى المشكلة الأبرز لدى المزارعين وهي المشاكل التسويقية التي يعاني منها القطاع الزراعي، بالتالي هذه المشاكل والتحديات لا بد من مقاربات مختلفة وتدخلات مختلفة من الجهات الرسمية وأحد هذة الجهات مؤسسة الإقراض الزراعي بحكم أنها موسسة متخصصة فيما يتعلق بتقديم التمويل للمزارعين والقطاع الزراعي بشكل عام.
وحول جانب التطور والتكنولوجيا المتسارعة في الوقت الحالي، وفيما إذا كانت المؤسسة تدعم المشاريع الزراعية الذكية والرقمية، أكد الدوجان أن المؤسسة تدعم هذه المشاريع، مبينا أن هذه الأدوار التي تعمل عليها المؤسسة بالتمويل الموجه.
وأوضح: نصمم منتجات تمويلية تعمل على معالجة التحديات التي يعاني منها القطاع الزراعي، وفي ما يتعلق بمعالجة التحديات فهي أساساً مبنية على إدخال التكنولوجيا الحديثة والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي وما يسمى بالزراعة الذكية مناخياً أو المتكيفة مناخياً، وهذه الأدوار تقوم بها المؤسسة من خلال تصميم برامج تمويلية أغلبها بأسعار فائدة مدعومة أو حتى دون فوائد حتى نوجه المزارع ونحفزه للتوجه إلى هذه التقنيات، في ظل مشكلة المياه، التي تعتبر تحديا كبيرا جدا.
وأضاف الدوجان: عمليا تحقق ما لا يقل عن 60 بالمائة كاكتفاء ذاتي في كثير من المحاصيل، وهذا مهم جداً فيما يتعلق بالإدارة المزرعية في الأردن التي تعتبر متقدمة. لذلك فأدوارنا كجهات تمويلية أو بحثية أن نحاول التشبيك ونعكس السياسات الحكومية في هذا الاتجاه، فإذا أوصلنا البحث العلمي إلى تصور معين بأن نتحول في نمطية الزراعة من زراعة تقليدية إلى أصناف ذات عوائد مرتفعة أو ممارسات زراعية ذكية مناخياً تحاول امتصاص هذه الأزمات، فنحن كجهات تمويلية نتولى تصميم برامج تمويلية أو ما يسمى بمنتجات تمويلية تتوجه للمزارعين وأغلبها دون فوائد.
ولفت الدوجان إلى أن هذا الجانب باشرت به المؤسسة خلال السنوات الماضية، من بدايات رؤية التحديث الاقتصادي، وحتى الآن، إذ قدمت المؤسسة 250 مليون دينار قروضا منها 100 مليون دينار قروضا دون فوائد موجهة للمحاور الأساسية التي وردت في رؤية التحديث الاقتصادي والاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة، والتي ركزت على أهم ثلاثة محاور، المحور الأول مسألة الزراعات النوعية وإدخال التقنيات الحديثة في مجال الزراعة، الجانب الثاني تعزيز منظومة الأمن الغذائي من خلال رفع كفاءة الإنتاج الزراعي وبالتالي تحسين نسبة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل التي نستوردها، والجانب الثالث زيادة قدرة القطاع الزراعي على خلق فرص تشغيل للشباب والفتيات من خلال المشاريع الزراعية الصغيرة.
وذكر أن هذه المحاور الأساسية استفاد منها لا يقل عن 25 ألف مستفيد خلال الثلاث سنوات الماضية، وقال: نرى الآن أن هناك تغيرا في نمط المشاريع، وأصبح هناك مشاريع جديدة ومحاصيل تصنف على أنها ذات عوائد مرتفعة، سابقاً كنا نستوردها، وحالياً بدأنا نحقق نسبا من الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.
وأضاف أن الأمر المهم أيضاً والذي نعمل عليه حالياً ما يتعلق بمشكلة امتصاص الفائض والاختناقات التسويقية من خلال تبني برامج تمويلية لإقامة بنى تحتية للتسويق والخدمات اللوجستية المرتبطة بها مثل التعبئة والتغليف والتبريد والتخزين، وهذا التوجه بدأ يلقى اهتماما من المزارعين وأيضاً هناك اهتمام من المستثمرين، حيث بدأوا يفكرون في إكمال حلقة الإنتاج، المزارع دوره ينتج لكن القطاعات الأخرى يمكن أن تشكل حالة تكاملية من حيث ما يسمى ما بعد الحصاد، وهذا مهم جداً حتى نخفف المشاكل التي يعانيها القطاع الزراعي.
وحول البرامج الرقمية والذكية، وما إذا كان هناك تعاون مع مؤسسات أو جامعات تقنية أو مجتمعية، قال الدوجان: بشكل عام حاولنا توظيف البحث العلمي ونتائجه في تطبيقات تتعلق بالمزارعين، لذلك عقدنا اتفاقيات، وحالياً هناك اتفاقية بيننا وبين المركز الوطني للبحوث الزراعية فيما يسمى حاضنة الابتكار والريادة الزراعية، بحيث تتولى المؤسسة كل المحتضنين والمبتكرين في هذا المجال ومنحهم قروضا حتى يقوموا بتنفيذ مشاريع تعتمد آخر ما توصل له البحث العلمي، وبالإضافة لذلك هناك تفاهمات مع جامعة البلقاء التطبيقية بحيث نهيئ الجيل الجديد والمزارعين ليقبلوا على التقنيات والممارسات الزراعية الحديثة والزراعات الذكية مناخياً، ونحن كمؤسسة نتولى تمويلها.
وبين الدوجان أن المؤسسة على استعداد باستمرار من خلال هذه الاتفاقيات على تحمل تزويد المزارعين وتمويلهم بهذه الكلف بقروض ميسرة وبأسعار فائدة تلامس الكلفة أو حتى دون فوائد ومرابحات لبعض المشاريع التي يمكن أن يكون فيها شراكة مع جهات أخرى.
وحول خطط المؤسسة بشأن التغير المناخي قال الدوجان إن هناك حالياً تفاهما بين المؤسسة وبرنامج الأغذية العالمي الـWFP من خلال إعادة تمويل ثلاث محافظات في المملكة بقيمة 4.5 مليون دينار، سيستفيد منها حوالي 450 مواطن، جميعهم دربوا على الزراعات المناخية الذكية أو الممارسات الزراعية المتكيفة مع المناخ، وسيتم منح قروض لغاية 10 آلاف دينار، وهذه المرحلة الأولى للمستفيدين من هذا البرنامج، بالإضافة إلى أنه سيتم تمويل 4 جمعيات أو مؤسسات صغيرة أو شركات تتولى عملية ما بعد الإنتاج، بمعنى أن الـ450 شخصا سيتولون عمليات الإنتاج المختلفة، ومعظمها في زراعات ريادية وزراعات فيها طابع ابتكاري، وسيتبعها جهات تتولى عملية التسويق والتسويق الرقمي وعمليات التعبئة والتغليف وغيرها، من خلال قروض تصل إلى 70 ألف دينار، وهذه القروض ستكون دون فوائد.
وأضاف: هذه المرحلة الأولى، وسنعمم التجربة خلال العام القادم على كل محافظات المملكة، بحيث نحاول أن ندعم كل الممارسات التي لها علاقة بالتعاطي مع مشكلة التغير المناخي.
وعن أبرز السياسات الجديدة التي تنوي المؤسسة القيام بها، وخطط توسيع نطاق التمويل، قال مدير عام مؤسسة الإقراض الزراعي: لدينا حزمة من الأفكار المرتبطة بتسهيل الوصول إلى التمويل من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، بحيث يتحمل القطاع الخاص جزءا من المسؤولية لتوريد مستلزمات الإنتاج للمزارعين بأقل الكلف وبأسعار تفضيلية، وقد أطلقنا مبادرة بذلك وسيكون هناك مبادرة أخرى، كما أدخلنا خدمة التأمين على الحياة للمستفيدين من القروض، والهدف من ذلك تحسين بيئة الاستثمار والحياة الاجتماعية للمقترضين.
وتابع بالقول: لدينا أفكار عديدة ومتنوعة هدفها الأساسي تسهيل الوصول للتمويل والتمويل الممنهج بحيث نستهدف قطاعات تحقق الأولويات التمويلية الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي والتي تكمن في ثلاثة محاور: الأمن الغذائي، والتشغيل، وتخفيف آثار التغيرات المناخية.