كتب: ليث الفراية
في مشهد حواري مفعم بالوعي الوطني، اجتمع أعضاء مبادرة تخفيف الآثار المالية المترتبة على العادات والتقاليد مع وفد من ملتقى النخبة – Elite، في جلسة حملت بصمة من الصراحة والمسؤولية، لمناقشة قضية اجتماعية باتت تثقل كاهل الأردنيين، والمتمثلة في المغالاة بتكاليف مناسبات الأفراح والأتراح وما يرافقها من مظاهر شكلية لا تعكس حقيقة الإرث الأردني الأصيل حيث اللقاء فتح الباب أمام نقاش جاد حول كيفية إعادة الاعتدال إلى عاداتنا الاجتماعية دون المساس بجوهرها المتجذر في قيم الكرم والاحترام.
وشدد المشاركون على أن الهدف من المبادرة لا يعني التخلي عن التقاليد، وإنما إعادة رسم مسارها الصحيح بعدما اعترتها بعض الممارسات الدخيلة التي شوهت صورتها وحولتها من مظهر فرح وتكافل إلى عبء اقتصادي يهدد استقرار الأسر.
وأكدوا أن هذه الظاهرة أدت إلى تأخر سن الزواج لدى الشباب، واستنزاف مدخرات العائلات، وتراكم الديون، مما يشكل خطراً على النسيج الاجتماعي ومستقبل الأجيال القادمة.
وتركز الحوار على محاور أساسية أبرزها: اشتراط التكاليف المرتفعة ومتطلبات شكلية لا ضرورة لها، هدر الموارد المالية للأسر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، الأعباء المستقبلية المترتبة على تراكم الديون، إضافة إلى التصدي للممارسات المستوردة الغريبة عن ثقافتنا الأردنية الأصيلة وقد مثلت هذه المحاور مدخلاً لنقاش ثري تبادل فيه الحضور رؤى واقعية وحلولاً عملية قابلة للتطبيق.
اللقاء خرج بجملة من التوصيات الوطنية التي عكست حساً بالمسؤولية تجاه المجتمع، أبرزها: إطلاق حملات توعية تركز على ثقافة الاعتدال، وتسليط الضوء الإعلامي على نماذج الأعراس الاقتصادية الناجحة، وإعداد ميثاق شرف اجتماعي يلتزم به أبناء المجتمع لتبسيط متطلبات الزواج
كما تضمنت التوصيات تفعيل دور المساجد والكنائس في نشر الوعي، وتمكين الشباب والمرأة ليكونوا قادة في هذا التوجه، إلى جانب توسيع المبادرة لتشمل جميع محافظات المملكة وتحويلها إلى مشروع وطني مستدام.
ولم يغفل المشاركون أهمية تفعيل الإعلام والإعلام الرقمي باعتبارهما منصة رئيسية لتبني هذه المبادرة ونشرها على نطاق واسع، مؤكدين أن الغياب عن المشهد الإعلامي يعني الغياب عن التأثير في وعي الناس وسلوكهم داعيين الجامعات والوجهاء ورجال الدين والمؤثرين الاجتماعيين إلى الانخراط في هذا الحراك، بما يعزز من فرص نجاحه وترسيخه كثقافة وطنية جامعة.
وفي ختام اللقاء، أجمع الحضور على أن ما جرى يمثل نقطة انطلاق لحراك مجتمعي واسع يعيد الاعتدال إلى الممارسات الاجتماعية، ويعيد الفرح إلى مناسباتنا دون تكاليف ترهق الأسر داعيين مختلف أطياف المجتمع الأردني من مؤسسات رسمية ومدنية، وأفراد، وإعلام إلى أن يكونوا شركاء حقيقيين في إنجاح هذه المبادرة، لتبقى عاداتنا إرثاً أصيلاً يزدان بالبساطة ويُصان بالاعتدال.