بقلم: المهندس مازن خريسات
تمر المنطقة بمرحلة حساسة تتجلى في تغيّر عميق في ميزان القوى، حيث باتت إسرائيل أكثر جرأة في سياساتها وعملياتها العسكرية، مدفوعة بتفوقها العسكري والاستخباري والتكنولوجي غير المسبوق.
إن ما نشهده اليوم من عمليات عسكرية متكررة على أكثر من جبهة وفي توقيت واحد ، وتصعيد في السياسات الاستيطانية، وضربات دقيقة في عمق أي دولة تستضيف حركات المقاومه الفلسطينية ، يشير بوضوح إلى زوال الرهبة العسكرية من عقل صانع القرار الإسرائيلي، واعتقاده بأن خصومه غير قادرين على ردع تحركاته أو تغيير مسار خططه.
هذا التفوق وأسفا أقول لم يأتِ من فراغ؛ فقد استثمرت إسرائيل خلال العقود الماضية في تطوير جيشها ليصبح أحد أكثر الجيوش تطوراً في المنطقة، مزوداً بتقنيات متقدمة في مجال الطائرات المسيّرة، أنظمة الدفاع الجوي، والاستخبارات الإلكترونية.
كما وفرت وتوفر الولايات المتحدة الأمريكية لها غطاءً سياسياً يسمح لها بالتحرك بحرية أكبر وبأقل تكلفة دبلوماسية.
انعكاسات هذا الواقع خطيرة على الأمن الإقليمي العربي ؛ إذ خلق شعوراً لدى إسرائيل بأنها صاحبة اليد العليا، يغريها بالمضي قدماً في فرض حلول أحادية الجانب في الملف الفلسطيني، وتوسيع نطاق عملياتها العسكرية لردع أي تهديد محتمل قبل أن يتبلور.
وفي المقابل، يضع هذا المشهد دولنا العربية أمام مسؤولية تاريخية لإعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية والسياسية، وتعزيز قدراتها الذاتية، وبناء موقف موحد يوازن هذا التفوق ويعيد الاعتبار لميزان الردع.
إن زوال الرهبة من عقل صانع القرار الإسرائيلي ليس مجرد تحول نفسي، بل هو مؤشر على خلل استراتيجي عميق في المنطقة، يتطلب استجابة مدروسة تعيد ضبط إيقاع القوة وتمنع انزلاق منطقتنا إلى مرحلة هيمنة أحادية تهدد أمنها واستقرارها.