إنجاز – كشف خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني محمود البطش، أن الذكاء الاصطناعي يصنع التسول الرقمي، ففي زمنٍ باتت فيه المشاعر تُعبأ وتُسوّق رقمياً، فبينما تُسخّر التكنولوجيا لإحداث أثر إيجابي، هناك من يُسخّرها للتلاعب بعواطفنا وجني الأرباح على حساب قيمنا.
وقال البطش لـ عمون، إنه ظهرت في السنوات الأخيرة، مع ازدياد اعتمادنا على الفضاء الرقمي كوسيلة للتواصل والمساعدة والعمل الخيري، أنماط جديدة من الاحتيال الرقمي تعتمد على استغلال الجانب العاطفي للإنسان أكثر من الجوانب التقنية البحتة، مشيرا إلى أن أحد هذه الأنماط التي باتت تتكرر بكثافة، هي الرسائل العاطفية الموحدة التي تُنشر بشكل تلقائي في تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، وتطلب المساعدة المالية أو الإنسانية بشكل عاجل ومؤثر.
وبين ان ما يحدث هو تكرار حرفي أو شبه حرفي لنص مؤثر طويل، غالبًا ما يروي قصة عائلة لاجئة أو أم مريضة أو طفل جائع، وتُختتم القصة برقم هاتف واتساب مع مناشدة عاجلة للمساعدة.
وأضاف، أن هذه الرسائل تظهر في عشرات الصفحات في وقت واحد، بل وقد تُنشر من حسابات مختلفة، ولكن بصيغة واحدة تمامًا، ما يشير إلى وجود جهة أو برنامج يقوم بنشرها بشكل آلي عبر ما يعرف بـ “روبوتات النشر التلقائي (Social Media Bots)”.
وأوضح الخبير البطش، أن الذكاء الاصطناعي ليس هو الجاني الوحيد، لكنه أداة تُستخدم بذكاء في هذه العمليات، فالتقنيات مثل نماذج توليد النصوص مثل (ChatGPT)، وروبوتات الدردشة (Chatbots)، وخوارزميات تحليل المشاعر (Sentiment Analysis)، تُستخدم أحيانًا لصياغة رسائل عاطفية مقنعة أو لتشغيل حسابات آلية (Bots) تُحاكي التفاعل البشري بشكل مخادع.
لكن في النهاية، العنصر البشري هو من يقف خلف هذه الحملات، مستغلًا قدرات التكنولوجيا لتحقيق مكاسب مادية بوسائل احتيالية.
وأكد ان الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بطبيعته، لكنه في الأيدي الخطأ يتحول إلى أداة فعالة للخداع والتلاعب.
وأعتبر البطش ذلك خطيرًا لأنه يؤدي إلى:
– تشويه مفهوم العطاء: يتم استغلال مشاعر التعاطف والكرم الفطرية لدى الناس، وتحويلها إلى وسيلة لجمع الأموال دون رقابة، مما يشكك في مصداقية الأعمال الخيرية الحقيقية.
– نصوص عاطفية مصطنعة: يتم صياغة هذه الرسائل بلغة مبالغ فيها، تحمل عبارات مثل “نموت من الجوع” أو “أقسم بالله لا نملك شيئًا”، ما يدفع القارئ للتفاعل العاجل دون التحقق أو التفكير النقدي.
– تجاوز المؤسسات الموثوقة: هذه الرسائل لا تشير إلى أي جهة مرخصة أو حملة رسمية، بل تطلب تحويلًا مباشرًا، ما يُعد مؤشرًا قويًا على الاحتيال الفردي أو الجماعي غير المشروع.
وأوضح أنه يتم استخدام آليات تقنية عدة، مثل:
– النشر الآلي واسع النطاق: تستخدم بعض الجهات أدوات نشر تلقائي عبر واجهات برمجية أو إضافات مخصصة لمواقع مثل فيسبوك وإنستغرام، قادرة على نشر نفس الرسالة في مئات الصفحات خلال دقائق.
– الحسابات الوهمية (Fake Accounts): يتم توليد حسابات مزيفة بأسماء عشوائية أو أسماء عربية لإعطاء مصداقية، وهي حسابات غالبًا ما تكون حديثة الإنشاء وليس لها تفاعل حقيقي.
– أتمتة الردود والمتابعة: في بعض الحالات، يتم تفعيل الرد الآلي عند التواصل على واتساب، مما يعزز فرضية أن هناك أنظمة خلف هذه العمليات وليس أشخاصًا فقط.
ودعا الخبير البطش إلى 4 اجراءات للحماية من الوقوع ضحية لهذه الممارسات، وهي:
1. لا تتفاعل مع أرقام مجهولة تطلب تحويل أموال عبر منصات غير رسمية.
2. امتنع عن إعادة نشر أو مشاركة هذه الرسائل مهما بدت إنسانية.
3. استخدم خاصية الإبلاغ عن المحتوى كـ “احتيال” أو “بريد مزعج (Spam)” على المنصة.
4. ادعم عبر الجهات المعروفة والمرخصة فقط، مثل الجمعيات الخيرية الرسمية أو المنصات الحكومية المعتمدة.
كما دعا الخبير، إلى بناء وعي رقمي ناضج يُميز بين المساعدة الصادقة والمخططات العاطفية الممنهجة، مشيرا إلى أن التقنية بطبيعتها محايدة، لكن النية وراء استخدامها هي ما يجعلها إما قوة للخير… أو أداة للخداع.