ابو سنينه تكتب : الأردن في عين العاصفة الإقليمية: جدلية التحذير ومسؤولية الوعي المجتمعي
كتبت : لانا ابوسنينه
شهدت سماؤنا مؤخراً مرور رشقات صاروخية عبر المجال الجوي، ما جعل واقع الحذر واليقظة الوطنية يتحدى كل منا بشكل مباشره.كالعاده في هذه اللحظات الحاسمة، تصدر الجهات الرسمية تحذيرات واضحة وصارمة تطالب المواطنين بالبقاء في منازلهم، والابتعاد عن السطوح والأماكن المكشوفة، حفاظاً على الأرواح من أي مخاطر محتملة. ومع ذلك، ما نراه على أرض الواقع يبعث على القلق؛ إذ يختار بعض الناس، بدلاً من الالتزام بالتحذيرات، أن يصعدوا إلى الأسطح أو يتجمعوا على الشرفات، يُصورون الأحداث ويشاركونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن الأمر حدث ترفيهي أو مغامرة تستحق التوثيق.
هذه الظاهرة ليست بعيدة عن واقعنا اليومي، حيث تختلط رغبة الإنسان في التعبير والتواصل مع حالة من الاستهتار أو قلة الوعي بخطورة الموقف. فهناك من يدفعه الفضول الطبيعي للبحث عن الحقيقة أمام عينيه، واخر ينشد الشهرة السريعة عبر المشاهد التي تجذب المتابعين على المنصات الرقمية، دون إدراك أن هذا السلوك يعرضه والآخرين للخطرفي الوقت الذي يجب أن يكون فيه الجميع في أمان، يتحول هذا التصرف إلى عبء إضافي على فرق الطوارئ التي تكافح لتأمين السلامة، وتعمل في ظروف دقيقة للغاية.
فنحن نثمن المستوى العالي من الجاهزية والاستجابة السريعة التي أبدتها الأجهزة الأمنية والدفاعية الأردنية. فمن إغلاق المجال الجوي إلى تعزيز أنظمة الدفاع الجوي والانتشار الاستراتيجي لقوات الأمن، تظهر الاردن عزمها الكامل على حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم. فهذه الإجراءات تعبير عن حرص وطني حقيقي على الاستقرار والأمان، رغم ما تحمله الظروف الإقليمية من تحديات متزايدة.
ويبقى الوعي الفردي هو الفارق الحقيقي في قدرة المجتمع على الصمود. فالالتزام بالتعليمات الرسمية ليس مجرد توصية أو إجراء روتيني، بل هو السلاح الأقوى الذي يمتلكه كل مواطن للحفاظ على حياته وحياة من حوله. في لحظات الأزمات، يتحول كل منا إلى جزء من شبكة الحماية الوطنية، ويصبح تقيده بالتعليمات حجر الزاوية في منظومة الأمان.
لكن المؤسف أن بعضنا ما زال ينظر إلى هذه التحذيرات من منظور تسلية أو استعراض، فيشارك فيديوهات ومشاهد دون مراعاة للعواقب التي قد تكون وخيمة. هذا السلوك لا يعكس فقط تجاهلاً للمخاطر، بل هو علامة على فجوة في الإدراك الجماعي لمسؤولية كل فرد تجاه مجتمعه ووطنه. فالأمن الوطني مسؤولية مشتركة، لا تكتمل إلا بتضافر جهود الجميع.
حيث ان الأمن والسلامة مسؤولية جماعية تبدأ من الفرد وتمتد لتشمل المجتمع بأكمله. علينا أن نكون يدًا واحدة، لا يتهاون فيها أحد، فالحياة ليست مجالًا للمغامرة أو الاستعراض على حساب الأرواح. كل لحظة وعي والتزام هي خطوة نحو حماية الوطن، وكل تصرف مسؤول هو درع يقي الجميع من المخاطر.لأن حماية الوطن تبدأ بحماية كل فرد فيه. التعاون الكامل بين الدولة والمواطنين هو المفتاح الذي يضمن للأردن أن يظل واحة للأمان وسط عواصف المنطقة، وأملًا ثابتًا في مستقبل أفضل.