2016 .. عامٌ ابكى الاردنيين و وحد صفوفهم
ايمن العمري – لم يكن عام 2016 الذي شارف على الانتهاء عاماً سهلاً على الاردن والاردنيين ، ذاق خلاله الاردن ومواطنيه الكثير من الآلام والصعاب بسبب الارهاب الذي ضرب اماكن عديدة في المملكة و اوقع عدد من الشهداء جلهم من العسكريين الذين يقفون في الصف الاول لمكافحة الارهاب وحماية امن الوطن وحدوده ، كما استشهد عدد من المدنيين سقطوا ضحايا اعمال اجرامية جبانة لا تعبر سوى عن الجريمة ، مع التأكيد ان كل الاردنيين يقفون صفاً واحداً في حماية الوطن .
استشهد في العام 2016 عدد من العسكريين من مختلف الاجهزة العسكرية كالقوات المسلحة و المخابرات العامة و الامن العام و قوات الدرك ، فجميعهم نذروا نفسهم لخدمة الوطن و حمايته من شرور الحاقدين ، ارتقى هؤلاء الشهداء وهم على رأس عملهم ويحاربون بكل ما اتوا من قوة للحفاظ على أمن هذا البلد ، رحلوا جميعاً وهم يسعون للحفاظ على وطن نذروا انفسهم لأجله ، دفعوا حياتهم ثمناً رخيصاً لبقاء وطن لم شمل الجميع ، رغم ان كل ما يدفعونه في حياتهم لايجدون له سبيلاً إلا ‘الاقساط’.
اولى العمليات الارهابية التي حاولت ان تنال من عزيمة الاردنيين والاجهزة الامنية الباسلة والتي تصدى لها قبل وقوعها وكشفها نشامى المخابرات العامة ما عرفت بـ’خلية اربد’ الارهابية وذلك في الثاني من شهر آذار ، والتي استشهد خلالها النقيب راشد الزيود من مهام العمليات الخاصة والذي رفعه الملك الى رتبة رائد عند استشهاده ، وادت الى مقتل 7 من الارهابيين الذي ينتمون لعصابة داعش الارهابية واعتقل آخرون، وكانت تلك العملية واحدة من المراحل التي وحدت صفوف الاردنيين جميعاً وراء الاجهزة الامنية في مكافحة فكر التطرف والظلام.
وبعدها بثلاثة اشهر فقط في الاول من رمضان بتاريخ 6/6/2016 ومع بزوخ الفجر ساعاته الاولى انسل احد الارهابيين والذي يعرف بانتمائه وتبنيه لافكار متطرفة ومتشددة الى تنفيذ عملية ‘فردية’ هزت المجتمعة الاردني تمثلت بقتله لخمسة من مرتبات المخابرات العامة في مكتب البقعة ،وهم رقيب اول لؤي محمد فرج الزيود ،عريف هاني سليم موسى القعايدة،عريف عمر احمد الفالح الحياري،جندي اول احمد عبد الكريم محمد الحراحشة، جندي محمود خلف عبد الرزاق العواملة، حيث بدأ بقتل الحارس في الخارج ومن ثم بدأ باطلاق النار على المتواجدين في داخل المكتب الخارجي ، قتلهم بيد تملؤها الجبن والخسة ومن ثم ولى هارباً ظناً منه انه سيفلت من العدالة التي تلاحقه والتي يرعاها فرسان الحق ونشامى الوطن ، الى ان ألقي القبض عليه في احد المساجد في محافظة البلقاء وذلك بهمة المواطنين في المنطقة بعد ان اشتبهوا به وجرى توديعه للقضاء ليصدر به حكم الاعدام في محكمة امن الدولة.
ولم تكد عيون الاردنيين تهدأ ويشفى غليلهم بعد القبض على المجرم الذي نفذ هجوم البقعة ،وتحديداً في اليوم الحادي والعشرين من شهر حزيران وبمنتصف شهر رمضان المبارك عاد الارهاب ليضرب امن الوطن مرة اخرى، فاختار الارهابيون ساعات الفجر الاولى لتنفيذ مخطط ارهابي ، حيث اقدم سيارة مفخخة جهزها تنيظم داعش ، واقتحمت المنفذ الحدودي في منطقة الرقبان عبر اختراقها للحواجز التي كانت مخصصة لتقديم الخدمات للاجئين السوريين وانفجرت عند اول نقطة عسكرية لتوقع ستة شهداء 4 منهم من مرتبات الجيش العربي هم العريف نور الدين محمد صالح شحادة، والعريف أحمد محمد محمود الصبيحي، والجندي أول بلال عمر سالم الزعبي، والجندي ثاني خضر محمد خضر الحجي من مرتبات القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي و واحد من مرتبات الأمن العام عدي وليد اسنيان الخوالدة وآخر من مرتبات الدفاع المدني وهو والرقيب انس عبد الرؤوف محمود الأسمر ، سقطوا جميعاً وهم يقومون بواجب انساني لخدمة اللاجئين وحراسة امن وحدود المملكة.
بعد هجوم الرقبان عاد الهدوء والامن والسلام الى ارض الوطن ، إلا انه لم يهدأ كثيراً حتى اكتشفت خلية ارهابية في منطقة القطرانة بالقرب من محافظة الكرك وذلك يوم 18 ديسمبر اكتشفت بعد ان اشتبه بهم احد جيرانهم وهم داخل منزلهم الذي وقع به انفجار اثناء تصنيعهم لمواد متفجرة ، حيث اشتم المواطن رائحة البارود وابلغ الأمن بذلك ، لتحضر دورية من البحث الجنائي على الفور لتستتطلع الأمر ، فيباغتهم احد الارهابيين باطلاق النار مباشرة على عناصر البحث الجنائي واستشهد على الفور احد الضباط ، واثناء هروبهم اطلقوا النار على احد افراد البحث الجنائي ليرتقي هو الآخر قبل ان يلوذوا بالفرار بعد سرقة بك أب لصاحب البناية التي كانوا يستأجرون بها.
ولم تتوقف فصول العملية هنا، فبعد فرارهم قاموا باستبدال البك أب بسيارة اخرى سياحية كانت تنتظرهم ليفروا بعدها الى الكرك ويبدأو باطلاق النار على مركز امن المدينة بالقرب من القلعة ليسقط عدد آخر من الشهداء ثم احتموا بعدها بالقلعة ، لتبدأ المواجهات بينهم وبين قوات الامن استشهد خلالها قائد المهام الخاصة المقدم سائد المعايطة والعريف محمد ابراهيم سلامة البنوي والعريف شافي سلامة فنخور الشرفات و 3 من الامن العام هم الوكيل يزن هاني محمد صعنون والوكيل صهيب جمال عبدالكريم السواعير والرقيب علاء موسى محمود نعيمات والشرطي حاكم سالم عبدالحميد الحراسيس بالاضافة ، كما استشهد مواطنان هم ابراهيم مدالله البشابشة والمواطن ضياء علي الشمايله , الى وفاة سائحة كندية هم ليندا جيسي فاتشار، كما أدت الى مقتل 4 ارهابيين تحصنوا في القلعة لمدة تزيد عن العشر ساعات.
وقادت التحقيقات التي تبعت عملية الكرك الى اكتشاف خلية اخرى مرتبطة بها في منطقة قريفلا ، حيث داهمت قوة امنية منزل ارهابيين تحصنوا بها وبحوزتهم اسلحة وذخائر ، حيث استمرت الاشتباكات لمدة تزيد عن الثلاث ساعات استشهد خلالها احد افراد الامن العام هو الشرطي أحمد راكان العودات و 3 من قوات الدرك هم الوكيل محمّد نايف الجيزاوي، والرقيب مهرب مضحي الرويلي، والرقيب خليل عبّاس الضروس من مرتبات المديريّة العامّة لقوات الدرك، كما انتهت العملية بمقتل أحد المسلحين و اصابة آخر واعتقاله، وهزت تلك العملية الرأي العام الاردني والعربي والعالمي ، حيث تلت تلك المداهمات حملة اعتقالات امنية لضبط الخارجين على القانون .
في هذا العام مجموع ما قدمه الاردن من الشهداء 28 شهيدا معظمهم من الاجهزة الامنية بالاضافة الى عشرات المصابين ، ارتقى الشهداء الى عليين واستمر الاردنيون بتقديم كل ما يملكون للحفاظ على وطن طالما نذروا انفسهم له ولأمنه ، وأبدا اهالي الشهداء فخرهم واعتزازهم بما قدمه ابناؤهم، فجميع الاردنيين يسيرون على خطى واحدة وثابتة ، ‘عشت لمجد هذه الارض يا ولدي .. وعاشت للمدى بلدي .. اموت اموت ويحيا الاردن’.
