بعد مرور فترة طويلة من التعامل مع فيروس كورونا اصبح من الطبيعي ان نتعايش معه كمرحلة أخرى بعد مرحلة التعامل وهي التعايش لانه قد يطول لفترة غير قصيرة، هنا لا بد ان نعود الى الحياة اليومية كالمعتاد وبدون اي اجراءات احترازية للتعايش مع هذا الفيروس والذي قد يكون وباء ويعمر طويلا. هناك علامات تؤكد اننا دخلنا مرحلة جديدة وهي مرحلة التعايش والتي هي الجزء الاخر من تعاملنا مع هذا الوباء، والدليل على ذلك اننا سنتعامل مع هذا الوباء تعايشا وليس تعاملا هو اجراءات العديد من الدول التي رفعت القيود والاغلاقات عن الحركة والتنقل والتجارة وفتح المحلات التجارية والحدائق العامة والملاعب بشكل تدريجي رغم وجود وانتشار هذا الوباء وبشكل غير مسبوق. وقد يكون الوقت قد حان لاصدار مجموعة من النصائح والارشادات التوعوية العامة للتعايش مع هذا الوباء بسبب ضرورة العودة الى الحياة الطبيعية ومحاولة النهوض بالاقتصاد العالمي والحيلولة دون انهياره عالميا. ومن الممكن ان نتعلم كيف نتعايش مع فيروس كورونا نظرا لعدم ولصعوبة وجود علاج أو لقاح لمواجهة هذا الوباء وقد يكون هذا الوباء من الاوبئة التي تلازم حياتنا لفترة زمنية طويلة وقد نتعايش معه كما تعايشنا في الماضي مع كثير من الفيروسات كفيروس سارس وفيروس فلونزا الطيور وفيروس جنون البقر وفيروسات اخرى الا انها لم تتحول الى اوبئة ونسأل الله انا لا يكون هذا وباءا كما أتوقع. اما كيف يمكن ان نتعايش مع هذا الفيروس فأن هناك معاناة يعيشها ملايين البشر منذ بدا الازمة الصحية في العالم بسبب انتشاره، هذه المعاناة تمثلت بالخوف والهلع والتوتر والقلق والضغط النفسي الذي فرضه الحجر الصحي المنزلي على الاشخاص. فمن منا لم يشعر بالتوتر والقلق والخوف الشديد ومن منا لم يتوهم انه مصاب بهذا الفيروس لمجرد وجود عارض بسيط معه حتى ولو كانت عطسة بسيطة كالمعتاد عليها. كورونا عدو غير مرئي صدمنا جميعا واصبحنا نعيش تجربة جماعية لا نعرف كم ستدوم زمنيا وما حدودها الجفرافية والمكانية، نتلمس جميع حواسنا لا نعرف ما يحصل. أما كيف نتعايش مع هذا الفيروس اولا لا بد من الاعتراف بالايجابيات قبل السلبيات لهذا العدو فعلى مستوى العائلة فمنذ زمن طويل جدا لا يتوفر الوقت لديها للجلوس مع افراد الاسرة وهو نعمة الوقت واستثماره مع افراد الاسرة لان الرجل والمرأة يعملان لا يجتمعا مع اباءهما لفترة كافية وهذه سلبية، اذ ان الثروة الحقيقية التي يتركها الاب للابناء ليست المال او الاملاك بل الوقت الذي يجلسه مع ابناءه للوصول الى الفهم الحقيقي للحياة والفهم الحقيقي للتعامل مع كافة الازمات والشدائد والمصائب وتعليم كثير من المهارات الاجتماعية المختلفة هذا هو الكنز الحقيقي اما دون ذلك فهي تدخل باب الارزاق. ناهيك عن الفهم الحقيقي للتعامل مع هذا الفيروس وفهم حقائقه وايجابياته وسلبياته. من الملاحظ لايجابيات هذا الفيروس انخفاض نسبة الجريمة بشكل عام والعنف الاسري بشكل خاص. اعتقد مثل هذا الحجر لا يعتبر عزل حقيقي كما في اماكن اخرى بل هو تباعد اجتماعي اطلقنا عليه ـ اجلس في بيتك من اجل وطنك ـ كاجراء احترازي للتعامل مع مثل هذا الفيروس اذ يتوفر في هذا العزل او الحجر جميع وسائل التواصل الاجتماعي من اصدقاء واقارب واهل واتصالات هاتفية واجهزة التلفاز وجميع وسائل التقنية الحديثة اذ لا استطيع ان اطلق عليه حجر صحي كامل فبالامكان استخدام القراءة وكتابة القصص والرويات وتعلم هوايات ومهارات متنوعة جديدة للخروج من الروتين اليومي المعتاد. أما كيف اتعامل مع ابنائي ورعايتهم في هذه الظروف غير الاعتيادية فقد يستطيع الآباء ان يشركوا ابناءهم معهم في عمليات استخدام التقنيات الحديثة والبرامج الالكترونية والحاسوبية المختلفة وادراج الالعاب المناسبة والمقننة زمنيا وقد تشرك الام ابنتها في عمليات الطبخ المختلفة إذ هناك العديد من الفتيات ممن يبلغن العمر 14 عام لا تتقن فن الطبخ وقد يشترك جميع افراد الاسرة في الاعداد والتحضير لنوع معين من انواع الطبخ المختلفة، وقد يعرَّض الاب ابائه لقراءة الكتب القديمة والروايات والقصص المختلفة، وهناك طبيعة بشرية وسواسية وهي طبيعة الاستحواذ وعدم الاتلاف للاشياء فمن الممكن ان يشرك الاب الابناء في ترتيب وتنظيم واعداد وتنظيف هذه الاشياء وبشكل متكرر. ومن ايجابيات هذا الفيروس ثقافة “التعاطف الانساني” او ما يسمى الثقافة الانسانية فحين تحدث حالة وفاة واحدة في دولة اوروبية نحن كعرب نتعاطف معها والعالم كاملا اعتقد ذلك فكلا منا يتعاطف مع الآخر وهذا من الايجابيات لهذا الفيروس فكلنا من آدم وآدم من تراب لذا نسأل الله ان يرفع هذا الوباء عن الانسانية جمعاء. هنا اود القول بانه ومن النصيحة ان لا نتابع فقط البرامج والاخبار التي تتعلق بهذا الفيروس لا بد من التنوع بمشاهدة برامج مختلفة لكي لا يتولد عندنا الخوف الهلع من هذا الوباء والذي قد يتحول هذا الخوف الى مرض او فوبيا لان كل شي يزيد عن حده ينعكس ضده. الهدوء النفسي امرا ضرورياً ولا داعي للذعر والخوف والهلع. ايضا من الاضطرابات النفسية التي تلازم هذا الفيروس او الوباء هي الخوف من الموت والذعر من نقص الاغذية او المواد التموينية والهلع من الانهيار الاقتصادي العالمي وهذه الاضطرابات طبيعية جدا ويجب التعامل معها على انها ازمة صحية وبنفس الوقت هي مأساة حقيقية ولكن قد تزول وتنتهي وانها غير مرعبة ونأخذها بمحمل البساطة لادنى المستويات. لا بد ان التطرق هنا الى اهمية ممارسة الرياضة وكذلك التأمل وعدم الانطواء للحد من التفكير السلبي وللتخلص من بعض الافكار السلبية والوسواسية. لا بد ان اشير الى ما يسمى بعلم النفس بالتحضير النفسي وهو ضرورة حماية الانسان لنفسه ولجهازه العصبي كاهتمامه باجهزته الجمسميو الاخرى عن طريق تحديد ما يؤثر به وما لا يؤثر به حتى لا يصل الحال بالشخص الى التأثر بأي شيء او كل شيء وهنا يجب ان يسأل نفسه ما هو اكثر شيء يمكن أن يؤثر به ونحدد نوع المشاعر التي يشعر بها هل هي خوف او ذعر ، وممن نخاف لا بد ان يفهم الانسان طبيعة ردة فعله وطبيعة الاحساس الذي يشعر به. لا بد من ان نعترف بان ما يؤثر سلبا علينا هو محاولتنا فعل اشياء ليس في مقدورنا ان نعملها. اخيرا تعالوا تفائلوا لتصحوا “ التفاؤل يرتبط بالهدوء النفسي “ نحتاج الى الهدوء النفسي وماذا نعني بالاستعداد النفسي والمرونه النفسية وهي القدرة على تغيير المواقف وتفسيرها بالاتجاه الايجابي والابتعاد عن التفسيرات السلبية وهذه المهارة تتيح لنا التعامل بسهولة ويسر مع جميع الازمات والمواقف الصعبة دون الحاجة الى الى فترات طويلة من الزمن. اما عن كيفية التحكم في مشاعر الخوف والتوتر الناجمين عن انتشار هذا الفيروس: * محاولة تعلم مهارات وهوايات جديدة. * المحافظة على الروتين اليومي مثل الاستيقاظ بموعده المحدد. * أداء بعض المهات المؤجلة. * الوقوف على اللحظة الحالية وعدم التفكير في المستقبل الذي يتعلق بتطور هذا الفيروس. * البعد عن مصادر التوتر والابتعاد عن الاشخاص السلبيين وعدم التواصل معهم. * التقليل من التعرض الى الاخبار السلبية التي تؤدي الى زيادة التوتر. * التعبير عن مشاعر الغضب أو الالآم النفسية والتحدث عنها لان الكبت يؤدي الى الامراض النفسية المختلفة. اخيرا نسأل الله عز وجل ان يرفع هذا الوباء عن البشرية جمعاء.