كتب: ليث الفراية
هناك من يرى في السياحة قطاعًا اقتصاديًا وهناك من يراها فرصة عمل وهناك من يراها واجهة لبلد جميل أما هاني الدباس فيراها شيئًا أبعد من كل ذلك يراها طريقة تفكير وفهمًا عميقًا لهوية المكان ورسالة لا ينتهي سطرها عند حدود الفندق أو المطعم بل تمتد لتصل إلى صورة الأردن في عيون الناس .
حين يتحدث لا يستخدم لغة الأرقام ولا يستعرض المؤشرات بل يعود إلى الأصل إلى الإنسان الذي يصنع التجربة ويترك الأثر هو يؤمن أن السياحة تبدأ من التفاصيل الصغيرة من ابتسامة من كلمة طيبة من شعور صادق يجعل الزائر يحن إلى المكان حتى بعد مغادرته .
في مقالاته التي يكتبها كل أسبوع يفتح نافذة مختلفة على السياحة الأردنية يكتب وكأنه يعيد ترتيب الأفكار يصحح المفاهيم ويذكّر بأن الجمال لا يُقاس بعدد الزوار بل بما يعلق في ذاكرتهم من صدق ودفء يطرح الأسئلة التي لا يجرؤ كثيرون على طرحها كيف نقدّم الأردن كما هو كيف نحافظ على سحر المكان من دون أن نفقد روحه كيف نصنع تجربة تليق بتاريخنا وثقافتنا .
لا يتحدث الدباس عن السياحة كمنتج للبيع بل كصورة للوطن يجب أن نحميها يرى أن الفنادق ليست مباني فقط بل وجوه وذكريات وأن السائح لا يشتري الخدمة بقدر ما يشتري الصدق وهذا هو جوهر فكره أن الضيافة الحقيقية لا تُدرّس بل تُورّث .
الذين يعرفونه يدركون أن حضوره مختلف هادئ الطباع لكنه دقيق في كلماته لا يكثر من الحديث لكنه حين يتكلم تشعر أن كل فكرة لديه مرت بتجربة وأن كل رأي له نابع من رؤية واقعية لا من تنظير مكتبي هو من أولئك الذين لا يرفعون شعارات بل يعملون بصمت ويتركون الأثر من خلال الفعل لا القول .
حين تتابع ما يكتبه لا تشعر أنك أمام مقال سياحي بل أمام فكر يعيد تعريف السياحة من جديد في كل نص له تجد دعوة صادقة لأن نفكر بالأردن لا كمكان للزيارة بل كوطن يُعرّف الناس بنفسه من خلال قيمه وكرم أهله ودفء تفاصيله .
هاني الدباس لا يسعى إلى الإبهار بل إلى الفهم يؤمن أن النجاح لا يُقاس بما نملكه بل بما نقدمه بروح صافية ولهذا يبقى صوته مختلفًا لأنه يكتب من واقع يعرفه ومن تجربة عاشها ومن إيمان بأن الأردن لا يحتاج إلى من يروّج له بل إلى من يفهمه .
في كل زاوية من المدن الأردنية وفي كل شارع من شوارعها يرى الدباس قصصًا لم تُرو بعد يرى كيف يمكن للمكان أن يتحول إلى تجربة وكيف يمكن للفنادق والمطاعم أن تصبح محطات صغيرة تعكس ثقافة البلد وروحه بالنسبة له السياحة ليست فقط ما يظهر للعين بل ما يشعر به القلب وما يُحفظ في الذاكرة .
يكتب عن التجربة قبل أن يكتب عن المكان عن الإنسان قبل أن يكتب عن الفندق عن التفاصيل التي تُصنع فرقًا أكبر من أي حملة دعائية أو إعلان هو يعلم أن التأثير الحقيقي لا يُقاس بالأرقام بل بما يتركه من أثر في وجدان كل من يمر بالأردن وهنا يكمن سر تفرده القدرة على تحويل أي تجربة سياحية إلى رسالة إنسانية أصيلة .
وهكذا يصبح حضوره في عالم السياحة أشبه برحلة طويلة لا تتعلق بالمسافات المقطوعة أو الإقامات الفندقية بل برحلة الفهم والوعي برحلة تعلمنا كيف نقدّر ما لدينا ونقدمه للآخرين كما هو بلا تصنع بلا تكلف وبكل صدق هاني الدباس لا يكتب ليخبرنا بل ليجعلنا نرى ونفكر ونشعر وكأننا نكتشف الأردن من جديد في كل تجربة وفي كل كلمة .