إنجاز- عرين مشاعلة
رغم أنهم العين التي ترى واللسان الذي ينقل والقلم الذي يوثق، يُستثنى الصحفيون والإعلاميون من منصات التكريم كأنهم مجرد تفصيل هامشي في مشهد احتفالي لا يظهر لهم فيه دور حقيقي في صناعة الحدث وصياغة أثره.
في كل فعالية ومناسبة نكون نحن أول من يصل، حاملي الأقلام و الكاميرات والهواتف والملاحظات. نرصد التفاصيل نلاحق التصريحات، نكتب ونصور ونوثق، نبذل جهدًا مضاعفًا لنبث الصورة كاملة للجمهور. ورغم ذلك، حين تُوزع شهادات التقدير وتُرفع الأسماء على المنصات يُذكر الجميع ويُنسى الصحفي.
يُكرم الضيوف،الرعاة، المنظمون، بل حتى المتفرجون أحيانًا، بينما يُقصى أولئك الذين كانوا وراء نقل الرواية الحقيقية للحدث.
إن الإعلام ليس مجرد وظيفة شكلية أو حضورًا بروتوكوليًابل هو عنصر أساسي لاكتمال أي فعالية ،وبدونه لا يصل الصوت ولا تنتشر الصورةولا يظل الحدث حيًّا بعد انتهاءه ومع ذلك، لا يزال الإعلامي يُعامل كأداة مساعدة لا كفاعل رئيسي في نقل الحقيقة.
ولا يمكنني نسيان ذلك الموقف الذي لا يزال عالقًا في الذاكرة، حين طُلب مني ومن زميلتي أن نُخلي المقاعد الأمامية لفسح المجال لشخصيات وصلت متأخرة. لم يكن الطلب لائقًا، ولا الموقف محترمًالكننا وقفنا بثبات ورفضنا بهدوء. قلناها بوضوح: “نحن لم نأتِ للمقاعد، ولا للظهور، ولا للـ”برستيج”. نحن هنا لننقل الحدث، لنوثق التفاصيل، لنكون صوتًا وصورة للعالم. لم نطلب تكريمًا، فقط طالبنا بأبسط أشكال التقدير.
هذا الإقصاء المتكرر ليس مجرد سهو تنظيمي بل هو انعكاس لنظرة ضيقة لدور الإعلامي واختزال جهده في لحظة بث أو صورة منشورة دون إدراك لساعات العمل الشاقة التي تسبق ذلك والتعب الذي يُبذل خلف الكواليس.
إن تكريم الصحفي ليس مجرد درع يُعلّق على الجدار بل هو رسالة احترام لمهنة نبيلة وسند معنوي لمن يقف في الميدان بصمت ينقل الحقيقة، ويضيء العتمة.
من العدل أن يكون الإعلاميون جزءًا من لحظة التقديرلا مجرد شهود عليها.
لقد حان الوقت لتغيير هذه الثقافةولتصبح كلمة شكر الإعلامي بندًا أساسيًا في كل فعاليةلا مجرد مجاملة بل استحقاقًا. لأن من يقف دومًا خلف الكاميرا خلف الورقة، خلف الحقيقة… يستحق أن يُسلَّط الضوء عليه ويكون جزءًا من الحدث.