فراس القطيفان يكتب
تُعد أرض الصومال واحدة من أبرز القضايا الجيوسياسية المعقدة في القرن الإفريقي، حيث تتقاطع فيها الاعتباراتالتاريخية مع المصالح الإقليمية والدولية. فقد أعلنت الإقليم انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال عام1991، عقب انهيار الدولة الصومالية وسقوط نظام محمد سياد بري، مستندًا إلى خلفية تاريخية تعود إلى كونهمستعمرة بريطانية مستقلة لفترة وجيزة عام 1960 قبل اتحاده الطوعي مع الصومال الإيطالي.
شهدت مناطق الشمال خلال فترة الوحدة تهميشًا سياسيًا واقتصاديًا، تصاعد إلى قمع عسكري واسع في أواخرالثمانينيات، ما أسهم في ترسيخ النزعة الانفصالية. ومنذ إعلان الانفصال، نجحت أرض الصومال نسبيًا في بناءمؤسسات حكم مستقرة، وتنظيم انتخابات، والحفاظ على مستوى أمني أفضل مقارنة بجنوب الصومال، رغم استمرارغياب الاعتراف الدولي الرسمي.
اقتصاديًا، يعتمد الإقليم على الثروة الحيوانية وتحويلات المغتربين، إضافة إلى ميناء بربرة المطل على خليج عدن،الذي اكتسب أهمية متزايدة بوصفه منفذًا تجاريًا استراتيجيًا لدول القرن الإفريقي غير المطلة على البحر. وقد جعلهذا الموقع الجغرافي أرض الصومال محور اهتمام إقليمي ودولي متنامٍ.
في هذا السياق، جاء إعلان رئيس وزراء إسرائيل الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة ليضيف بعدًا جديدًا للأزمة. فرغم محدودية الأثر القانوني الدولي لهذا الاعتراف، فإنه يحمل دلالات سياسية وجيوسياسية مهمة. إذ تسعىإسرائيل من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز أمنها البحري، وتأمين خطوط الملاحة في خليج عدن وباب المندب، إضافةإلى موازنة نفوذ خصومها الإقليميين، خاصة في ظل الصراع الدائر في اليمن والبحر الأحمر.
ويمثل مضيق باب المندب نقطة اختناق استراتيجية للتجارة العالمية، وأي نفوذ فيه ينعكس مباشرة على أمنالمنطقة العربية واليمن بشكل خاص. لذلك، يثير الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال مخاوف من تصاعد عسكرةالبحر الأحمر وتكثيف التنافس الدولي في القرن الإفريقي.
في المحصلة، تعكس قضية أرض الصومال أزمة مفتوحة تجمع بين مظالم تاريخية غير محسومة وصراعات نفوذمعاصرة. وبينما يسعى الإقليم إلى كسر عزلته الدولية، تتحول قضيته إلى ورقة في لعبة جيوسياسية أوسع، تمتد منالقرن الإفريقي إلى باب المندب واليمن، بما يجعل مستقبلها مرتبطًا بتوازنات إقليمية ودولية معقدة.












