في زمن الصفقات… الأردن يختار الكرامة
نضال هايل البرماوي
في عالم يضجّ بالصفقات، وتُقاس فيه العلاقات بمقدار ما يُدفع ويُمنح، يختار الأردن أن يسلك طريقًا آخر. طريقًا لم يكن يومًا مرصوفًا بالمال أو المصالح الوقتية، بل مفروشًا بالثوابت والمبادئ التي لا تهتز أمام العواصف ولا تُساوَم تحت أي ظرف.
في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة مشاهد لافتة، حيث باتت بعض العواصم تُرهق نفسها في إثبات الولاء،. في خضم هذا المشهد، يبرز الأردن كاستثناء، كصوت هادئ لكنه ثابت، لا يعلو كثيرًا، لكنه لا ينحني.
الكرامة الأردنية لم تكن يوماً ورقة للتفاوض، بل هي عقيدة وطنية. هي التي حررت الأرض في معركة الكرامة، وهي التي حافظت على القدس في وجدان الدولة، وهي التي جعلت من الإنسان محورًا في سياسة الدولة رغم شح الموارد. فالأردني، وإن ضاق عيشه، لا يرضى أن يُمسّ كبرياؤه، ولا يقبل أن يُقايض على سيادته تحت أي عنوان.
الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، يدرك أن الكرامة لا تُشترى، وأن المواقف العظيمة لا تصدر عن جيوب ممتلئة، بل عن نفوس كبيرة. ولهذا، حين يُحسب رصيد الدول الحقيقي، لا يُقاس بعدد الصفقات، بل بمقدار ما تحمله من احترام لذاتها ولشعوبها.
ربما لا نمتلك خزائن ممتلئة، لكننا نمتلك ما هو أعمق أثرًا: نمتلك الكرامة. وقيادة حكيمة، وهي رأس المال الذي لا يُستهلك، ولا يُهدر، ولا تنتهي صلاحيته. الكرامة هي قوتنا الناعمة، وهي إرثنا الأغلى، وهي البوصلة التي لم تخطئ الاتجاه يوماً.
في زمن يُقايض فيه البعض المبادئ بالامتيازات، يبقى الأردن واقفًا، لا يساوم… ولا يركع.