د. آمال جبور- رغم أن الدولة الأردنية تبنت موقفًا حذرًا قائمًا على التوازن والحياد النشط منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية الإيرانية، إلا أن الرأي العام الداخلي قد تباينت مواقفه بين مؤيد للموقف الإيراني المقاوم، وآخر نظر بخوف إلى المشروع الإيراني في المنطقة.
وقد أظهرت هذه الحرب حجم الاختلاف في اراء سياسيين ومثقفين واعلاميين، نحو الحدث من زاوية حادة لا تقبل التدوير، ما يتطلب ضرورة بناء خطاب وطني يقدم المصلحة الاردنية وقضاياه قبل كل اعتبار .
فيما لوحظ ان الشريحة البسيطة من المجتمع الاردني، التي يتشكل منطقها عادة بالمخاوف المعيشية والأمنية لا اكثر، انها ليست رقما خاملا في معادلة الرأي العام، الذي يعمل على استقطابها وجذبها.
من جانب، تغذيها خطابات التيارات القومية واليسارية وبعض القواعد الإسلامية، التي ترى أن إسرائيل هي المعتدي الدائم في المنطقة، ويرى أن إيران – رغم خلافاتها مع العالم العربي – هي الطرف الذي يقف في وجه المشروع الصهيوني، ويعتبر هؤلاء أن استهداف إيران يصبّ في خدمة المشروع الإسرائيلي الأميركي لتقسيم المنطقة وإضعاف قوى “الممانعة”.
وتارة أخرى تميل إلى الخطاب العشائري والليبرالي وبعض النخب الأمنية والسياسية، التي تعتبر إيران مصدر للاضطرابات في دول الجوار، وسببا رئيسا في تشكيل أزمات الإقليم المركبة، مرتكز هدفها على حماية الأمن الوطني، وتقديم المصلحة الاردنية وقضاياه قبل كل اعتبار.
هذا ما يمكن لمسه على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا على تطبيق الفيسبوك، التطبيق الاكثر تفاعلا في الاردن، والذي يُعتبر اغلب رواده من الشريحة البسيطة، التي لا تمتلك ترف الرأي السياسي والايدولوجي أيضا، ولا تدخل مفردات المصالح الجيوسياسية في قاموس معاشها،
بل اعتادت ان تُعبر دائما عن موقفها في الازمات الداخلية و الإقليمية من منظور معيشي لا سياسي ولا ايدولوجي، لكنها بدأت شيئا فشيئا تمتلك وجبات من الوعي، مما يجعلها قابلة للتشكيل واعادة البناء بسردياتٍ، الأكثر تأثيراً واقناعاً، وبالتالي يسهل اختطافها وتوظيفها وتوجيهها.
وبالتالي اصبحت هذه الشريحة ميدانا مفتوحا، يمكن كسبها وطنيا مع توالي الازمات في منطقة لا تعترف بالحياد طويلا.