بقلم الدكتور إسماعيل أحمد ملحم
شخصيات آثارية أردنية:
كنتُ قبل عدة سنوات قد كتبتُ على موقعي هذا عن عدد من الآثاريين الأردنيين ، و أود متابعة هذه السلسلة بين فترة و أخرى عِرفاناً بجهودهم و تعريفاً بانجازاتهم. و اليوم نستهلها بالزميل الفاضل الدكتور عبد القادر الحصان ( أبو تامر) :
عبد القادر محمود الحصان: سيرة عالم آثار أردني له بصمته في الميدان والبحث :
يُعدّ عبد القادر محمود الحصان واحدًا من الأسماء البارزة في الحقل الأثري الأردني خلال العقود الأخيرة، وقد تميّز بعطاءٍ متواصل جمع بين العمل الإداري الميداني، والبحث العلمي، والتأليف المتخصص، مما جعله ضمن الجيل الذي رسّخ قواعد البحث الأثري الحديث في الأردن.
النشأة والمسيرة العلمية :
تخرّج الحصان في تخصص الآثار عام 1984م من جامعة استانبول في تركيا ، ليبدأ مسيرته المهنية في دائرة الآثار العامة، حيث عُرف منذ بداياته بدقته العلمية، وحرصه على التوثيق، وقدرته على قراءة المشهد الأثري قراءة شاملة تجمع بين المعطيات الميدانية والتحليل التاريخي. ومع مرور السنوات، تدرّج في المواقع كمفتش آثار و أمين متحف و مدير مكتب حتى أصبح مديراً لآثار محافظة المفرق، وهي من أكثر المحافظات الأردنية ثراءً بالمواقع الأثرية الممتدة عبر الأزمنة، من عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الإسلامية.
إدارته لآثار المفرق :
أبان فترة إدارته لآثار محافظة المفرق، أشرف الحصان على عشرات المشاريع المتصلة بالتنقيب، والحماية، وصيانة المواقع و المسوحات الأثرية . وتميّز نهجه بالجمع بين الحفاظ على التراث والتواصل مع المجتمع المحلي، إذ كان يؤمن بأن حماية الآثار مسؤولية جماعية تتطلب إشراك الأهالي، والتوعية بأهمية التراث الوطني. كما كان حاضرًا في مختلف اللجان الفنية والمهنية، مسهمًا في تطوير السياسات الخاصة بحماية الإرث الحضاري للمحافظة.
الإسهام العلمي والتأليف :
لم يقتصر دور عبد القادر الحصان على الإدارة الميدانية، بل امتد إلى البحث العلمي، حيث قدّم عددًا من الدراسات والبحوث المتخصصة في آثار الاردن، وكتبًا تُعدّ مراجع للباحثين في مجالات متعددة، منها:
دراسات حول الآثار في شمال الأردن شملت عديد من المواقع الأثرية و النقوش التاريخية و الوثائق العثمانية.
أبحاث ميدانية في مواقع أم الجمال، ودير الكهف، و الصفاوي ، ورحاب، والبادية الشمالية، و البادية الشمالية الشرقية
أبحاث متخصصة في النقوش العربية الشمالية (الثمودية والصفوية)، و النقوش اليونانية و اللاتينية و الآرامية.
إسهامات في نشر نتائج حفريات مشتركة مع بعثات بحثية محلية ودولية.
وتتسم كتاباته بالدقة المنهجية، وغزارة الملاحظات الميدانية، واعتماد الصور والخرائط التوضيحية، مما عزز قيمتها العلمية. كما شارك في مؤتمرات محلية وإقليمية، مقدّمًا أوراقًا بحثية سلطت الضوء على تاريخ المنطقة الشرقيّة من الأردن ودورها الحضاري.
شخصية مهنية مؤثرة :
يُعرف الحصان بين زملائه وباحثي الجيل الجديد بأخلاقه الرفيعة، والتزامه العلمي، واستعداده الدائم لنقل المعرفة. وقد ساهم في تدريب شباب الآثاريين، ومنحهم خبرة ميدانية حقيقية خاصة في أعمال الترميم و الصيانة، مما أسهم في تطوير كفاءات جديدة في قطاع الآثار الأردني. و له رؤية واضحة حول مستقبل المواقع الأثرية في البادية الشمالية، خاصة في ظل تحديات الحداثة والعمران وعوامل الطبيعة و المخاطر المحدقة بالآثار.
و على صعيد النشاط المجتمعي فقد ترأس لفترة طويلة جمعية لحماية التراث ، وعمل على تقديم الاستشارات العلمية الأثرية لبلديات ام الجمال ورحاب و المفرق الغنية بالآثار و التراث المعماري، و قدّم عدة برامج في مجال التوعية الأثرية و السياحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي و الندوات العلمية.
يُمثل عبد القادر محمود الحصان نموذجًا للعالِم الذي يجمع بين الخبرة الميدانية المتراكمة، والبحث الأكاديمي، والعمل الإداري، وله إرث علمي جدير بالتقدير ، حيث أسهمت جهوده في توثيق وحماية عدد من المواقع في محافظة المفرق، وفي إثراء المكتبة الأثرية الأردنية ببحوث أصيلة ما تزال تحظى بالرجوع إليها من قبل المختصين.
نرجوا له دوام التوفيق والمزيد من العطاء.
بقلمي ✍️












