عالية إدريس…حين نقرا وجع العالم بوجهٍ ثابت
بعد عشر سنوات من العمل كمذيعة برامج في التلفزيون الأردني تنوعت ما بين برامج صباحية وبرامج ترفيهية وأرشيفية وزيارات ميدانية ومقابلات معمقة مع أهل الفن والثقافة وأصحاب الإختصاص ، انتقلت للعمل كمذيعة أخبار كان ما يميز شخصيتي في التقديم للبرامج هو الإبتسامة والتبسيط في الحوار خاصة الحوار الأفقي الذي يتطلب التوسع في المواضيع ، كانت ابتسامتي تمنح الضيوف راحة نفسية تزيل عنهم التوتر خصوصا إذا ما ترافقت مع إثارة بعض المواقف الطريفة للضيف ، لكن تقديم نشرات الأخبار يتطلب كاريزما أخرى أكثر جدية ، فكان بعض المخرجين أنذاك يذكروني بأنني الآن في دائرة الأخبار هذا يعني أن أخفف من توزيع الإبتسامات بين خبر وآخر ، تعبت كثيرا كي أضبط هذا الإيقاع خاصة عندما أخبرني أحد المخرجين ذات مرة قبل بداية النشرة بأن الخبر الأول محزن فقال لي حرفيا : عالية مشان الله لاتبتسمي وانتي بترحبي في بداية النشرة لأن الخبر الأول هو عبارة عن حادث إنقلاب قطار في الهند راح ضحيته الآلاف من الناس وبالفعل كتمت ابتسامتي وبدأت النشرة وما أن رأيت المناظر حتى انتابتني رغبة شديدة بالبكاء كتمتها رغما عني ، وتوالت بعدها الأخبار المحزنة مابين حروب وكوارث طبيعية وانتهاكات إنسانية وغيرها ،مذيع الأخبار يا سادة كالاسفنجة التي تمتص كل المشاعر أثناء قراءة الأخبار ما أن تنتهي النشرة حتى أشعر بأن هموم العالم كلها تتسلق أكتافي على الرغم من ذلك أنهي النشرة بابتسامتي المعتادة كبارقة أمل وفي هذا المقام قرأت عبارات أعجبتني عن الإبتسامة :
ليست الابتسامة هنا إنكارًا للوجع، ولا تزييفًا للحقيقة، بل هي أرقى أشكال الشجاعة الإنسانية.، أن تبتسم وأنت مثقل بالألم، فهذا يعني أنك اخترت ألا تسمح للانكسار أن يعرّفك، ولا للمعاناة أن تسلبك إنسانيتك. هذه الابتسامة وُلدت من معارك صامتة، من ليالٍ طويلة لم يسمع أنينها أحد، ومن خيبات كان يمكن لها أن تُسقطك .. لكنها لم تفعل.
مع تلفزيون المسار نواصل المشوار












