كتب: ليث الفراية
هناك شركات تُولد لتكون مجرد أرقام على قوائم الاقتصاد، وهناك شركات تُولد لتكتب تاريخًا جديدًا لأوطانها. شركة تعدين اليورانيوم الأردنية (JUMCO) تنتمي للفئة الثانية؛ فهي ليست مشروعًا تجاريًا تقليديًا، بل قصة طموح وطني يتجاوز حدود الأرض التي يُستخرج منها المعدن، ليصبح استثمارًا في مستقبل الأردن ومكانته وسيادته. هنا لا نتحدث عن مؤسسة فحسب، بل عن مشروع دولة يضع الأردن في موقعٍ متقدم على خريطة الطاقة النووية العالمية. منذ تأسيسها عام 2013، أثبتت JUMCO حضورها في قطاع التعدين والطاقة، عبر مشاريع استراتيجية كان أبرزها مشروع وسط الأردن لليورانيوم، الذي شكّل علامة فارقة في مسيرة الشركة. استطاعت خلال سنوات قليلة أن تنجز ما كان يُنظر إليه كتحدٍ ضخم؛ فعمليات الحفر الاستكشافية التي نفذتها الشركة، والآلاف من العينات التي جُمعت وحُللت بدقة علمية، والمختبرات التي حصلت على اعتمادات دولية مثل ISO 17025، كلها شواهد تؤكد أن الشركة تعمل وفق أعلى معايير الجودة والشفافية. ولم تتوقف الإنجازات عند حدود الاستكشاف، بل امتدت إلى النجاح في بناء مصنع ريادي لإنتاج “الكعكة الصفراء” من خام اليورانيوم المحلي. هذا المصنع لم يكن مجرد تجربة عابرة، بل محطة فارقة أثبتت القدرة العملية على تحويل المخزون الخام إلى منتج قابل للدخول في سلسلة صناعة الوقود النووي. وهو إنجاز يعكس إرادة وطنية صلبة، ورسالة واضحة بأن الأردن قادر على امتلاك مفاتيح صناعة استراتيجية تعزز أمنه الطاقي لعقود طويلة. لا يمكن قراءة دور JUMCO بمعزل عن انعكاساته المباشرة على الاقتصاد الوطني. فقد أسهمت الشركة في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، فتحت أبوابها أمام أبناء الوطن من مهندسين وجيولوجيين وفنيين ومخبريين، لتوفر لهم فضاءً عمليًا يترجم معارفهم إلى خبرة ميدانية حقيقية. ولم يكن هذا مجرد تشغيل للأيدي العاملة، بل بناء خبرات أردنية متخصصة قللت من الاعتماد على الخبرات الأجنبية، ورسخت دعائم استقلالية القرار الوطني في واحد من أكثر القطاعات حساسية. وعلى مستوى الاستثمارات، شكلت الشركة نقطة جذب لشراكات محلية ودولية، أبرزها التعاون مع شركات عالمية كبرى مثل Kazatomprom، وهو ما فتح آفاقًا واسعة أمام الاقتصاد الأردني في مجال الطاقة النووية. كما عززت الشركة أمن الطاقة الوطني عبر سعيها لتوفير مصدر محلي للوقود النووي، بما يقلل من فاتورة الاستيراد ويضع الأردن في مصاف الدول التي تمتلك القدرة على إدارة مواردها الاستراتيجية بكفاءة واقتدار. أدركت JUMCO منذ انطلاقتها أن رسالتها لا تقتصر على البحث عن اليورانيوم أو استخراجه من باطن الأرض، بل تشمل الإنسان والبيئة على حد سواء. لذلك وضعت المسؤولية المجتمعية في صميم استراتيجيتها، فعملت على إعادة تأهيل الأراضي بعد انتهاء عمليات الحفر، حفاظًا على البيئة وتوازنها الطبيعي. ولم تكتف بذلك، بل انفتحت على المجتمعات المحلية من خلال توفير فرص عمل وتدريب، ونسجت شراكات مع الجامعات والمؤسسات البحثية الأردنية، لتجعل من الشركة جسرًا يربط بين العلم والعمل، وبين الثروة الطبيعية والإنسان الذي يعيش في محيطها. في قلب هذا النجاح، تقف قيادة استثنائية تجسدها شخصية الدكتور محمد الشناق، الذي تولى إدارة الشركة بعقلية مختلفة، مزجت بين العلم والواقعية، وبين التخطيط الاستراتيجي والقدرة التنفيذية. لم يتعامل الدكتور الشناق مع JUMCO كمؤسسة عادية، بل كرؤية وطنية تحتاج إلى إدارة حكيمة قادرة على تحويل التحديات إلى فرص. فعمل على ترسيخ قواعد العمل المؤسسي القائم على الشفافية والتخطيط المدروس، واستثمر في بناء الكوادر الأردنية المؤهلة، معتمدًا معايير دولية جعلت الشركة نموذجًا يحتذى في المنطقة. لم تكن إنجازات هذه الإدارة مجرد نتائج على الورق، بل تحولت إلى ثقة وطنية ودولية بأن الأردن قادر على أن يمتلك صناعة تعدين متقدمة ومستدامة، تعكس الإرادة الصلبة والرؤية الثاقبة لقيادتها. ومن هنا، يمكن القول إن نجاح الشركة هو في حقيقته انعكاس لرؤية قيادتها التي وضعت مصلحة الوطن في مقدمة الأولويات. ولأن المستقبل لا يُصنع بالجهود الفردية وحدها، فتحت JUMCO أبوابها أمام الشراكات الدولية الرائدة. تعاونها مع شركة Kazatomprom الكازاخية، وهي من أكبر الشركات العالمية في مجال اليورانيوم، يعكس إيمانها بأن الاستفادة من الخبرات وتبادل التكنولوجيا هو السبيل الأمثل لتحقيق طموحاتها. وقد عزز هذا التعاون مكانة الشركة على الساحة الدولية، ورسخ موقع الأردن كلاعب مهم في صناعة الطاقة النووية العالمية، في وقت تتجه فيه الدول نحو مصادر نظيفة ومستدامة للطاقة. في زمنٍ تتغير فيه معادلات الطاقة وتبحث فيه الدول عن بدائل آمنة ومستدامة، تأتي شركة تعدين اليورانيوم الأردنية لتقول إن الأردن ليس على هامش اللعبة، بل في قلبها. هنا لا تُقاس الإنجازات بعدد الأطنان المُستخرجة أو الكيلوغرامات المنتجة من الكعكة الصفراء، بل تُقاس بقدرة وطن صغير بمساحته، كبير بطموحه، على أن يكون حاضرًا في معادلة الطاقة العالمية. شركة تعدين اليورانيوم الأردنية ليست مجرد شركة، بل مرآة لطموحات الأردنيين، وتجسيد لإرادتهم في صناعة مستقبل مختلف. وبفضل إنجازاتها، ومسؤوليتها المجتمعية، وإدارتها الحكيمة بقيادة الدكتور محمد الشناق، تثبت الشركة أن الاستثمار في باطن الأرض هو في جوهره استثمار في كرامة الوطن ومستقبل الأجيال