إنجاز – المهندس مازن خريسات يكتب
يُعدّ دولة الدكتور عبد الله النسور، رئيس الوزراء الأسبق، واحداً من أبرز الشخصيات السياسية والإدارية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الأردن الحديث. فقد تسلّم مسؤولياته في واحدة من أدق المراحل التي مرّ بها الوطن، حيث كان الاقتصاد الأردني يواجه تحديات عميقة تمثلت في ارتفاع عجز الموازنة العامة، وتراجع المساعدات الخارجية، وازدياد المديونية العامة، إلى جانب ضغوطات سياسية واجتماعية غير مسبوقة.
منذ تكليفه بتشكيل الحكومة عام 2012، تعامل الدكتور النسور مع الملفات الاقتصادية بروح المسؤولية الوطنية، واضعاً نصب عينيه حماية الاستقرار المالي للدولة، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ضمن الممكن والمتاح. وقد اتسمت سياساته بالجرأة في اتخاذ القرارات الصعبة التي كانت تُؤجل لسنوات طويلة.
أبرز جهوده الاقتصادية:
1. إصلاح الدعم الحكومي: اتخذت حكومته قراراً استراتيجياً بإعادة هيكلة دعم المشتقات النفطية، وهو قرار شجاع ساهم في تخفيف الضغط الهائل على الموازنة العامة، حيث كان الدعم يشكل عبئاً يفوق قدرة الدولة. وقد تزامن ذلك مع وضع آليات لتعويض الفئات الأقل دخلاً نقدياً لضمان الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية.
2. الاستقرار المالي والنقدي: عمل النسور على تعزيز التنسيق مع البنك المركزي، بما حافظ على استقرار الدينار الأردني وقوة الجهاز المصرفي، في وقت كانت فيه المنطقة تعصف بأزمات اقتصادية وسياسية خانقة.
3. الانضباط المالي: رسّخ نهج الترشيد في الإنفاق العام، والحد من الهدر المالي في مؤسسات الدولة، وهو ما انعكس إيجاباً على قدرة الأردن في مواجهة الضغوطات المالية دون الانزلاق إلى أزمات أكثر عمقاً.
4. الانفتاح على المجتمع الدولي: قاد مفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة، مكّنت الأردن من الحصول على تسهيلات مالية مشروطة ببرامج إصلاحية واقعية، حافظت على استقلالية القرار الاقتصادي الوطني بقدر المستطاع.
إرث اقتصادي وسياسي
قد يختلف البعض في تقييم المرحلة التي قادها الدكتور عبد الله النسور، إلا أن المتفق عليه أنه تمكن من حماية الاقتصاد الوطني من الانهيار، ووضع أسس إصلاحات اقتصادية لا تزال آثارها ماثلة حتى اليوم. فقد أثبت أنه رجل دولة يملك الجرأة والقدرة على اتخاذ القرار الصعب في الوقت المناسب، مقدّماً المصلحة الوطنية العليا على أي حسابات أخرى.
لقد شكّل الدكتور عبد الله النسور نموذجاً للمسؤول الذي يدرك أن إنقاذ الاقتصاد ليس مهمة سهلة ولا شعبية، لكنه التحدي الذي لا بد من خوضه إذا كان الهدف حماية استقرار الأردن وأمنه ومستقبله.