إنجاز-بقلم سامي ابو خرمه
في خطاب العرش أمس، لم يكن جلالة الملك عبدالله الثاني يلقي خطابًا بروتوكوليًا، بل كان يوجّه رسالة وطنية عميقة إلى مؤسسات الدولة ومواطنيها معًا، فبين سطور كلماته، يمكن قراءة مزيج من القلق المسؤول والإيمان الثابت، وهو ما عبّر عنه بعبارته التي ستبقى علامة فارقة “هل يقلق الملك؟ نعم، لكنه لا يخاف إلا من الله.”
وهذه الجملة وحدها تختصر حالة الدولة الأردنية اليوم؛ بلد يعيش في قلب العاصفة الإقليمية، لكنه لا يفقد بوصلته ولا يتنازل عن ثوابته، القلق مشروع، بل ضروري، حين يكون نابعًا من حرص القائد على وطنه، لا من ضعف أو خوف.
والمتابع لتفاصيل الخطاب يدرك أن جلالة الملك لم يكتفِ هذه المرة بالتشخيص أو التذكير، بل قدّم توجيهاً واضحاً للمسؤولين والبرلمان، لا مجال للترف السياسي أو التراخي الإداري، فالأردن أمام مرحلة تتطلب عملاً صامتًا، لا شعاراتٍ عالية الصوت.
وأشار الملك صراحة إلى أن الوقت ليس في صالحنا، وأن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية يجب أن تمضي بوتيرة أسرع، من دون مماطلة أو بيروقراطية تعيق الإنجاز.
وفي خطابه، بدا جلالته حازمًا وهو يضع البرلمان والحكومة أمام مسؤولياتهما، مؤكّدًا أن العمل الوطني لا يحتمل تشتّت الأجندات أو تضارب المصالح.
فالمرحلة المقبلة، كما فهمها الأردنيون، هي مرحلة اختبار حقيقي لأداء المؤسسات، ومن لا يدرك حجم التحدي فليتأمل الظروف من حولنا.
والكرة الآن، في ميدان التنفيذ، فقد قدّم الملك ما يكفي من الرؤية والاتجاهات، وبقي على الحكومة والبرلمان أن يترجما هذه الرؤية إلى سياسات وقرارات يشعر بها المواطن في حياته اليومية، فالإيمان وحده لا يكفي، ما لم يقترن بعمل وإصلاحات ملموسة تعيد الثقة بالمسار الوطني.
وخطاب الملك هذه المرة لم يكن للمديح، بل كان خطابًا للمحاسبة والعمل، لقد قالها الملك بوضوح القلق ليس ضعفًا، بل دافع للاستمرار بثقة، وإذا كان القائد لا يخاف إلا الله، فالأجدر بمسؤوليه أن لا يخافوا من الإصلاح، ولا يهربوا من المواجهة مع التقصير.












