بقلم: الدكتور سلامة العمري _ نائب عميد كلية الآداب.
جامعةً عجلون الوطنية لا تحتاج الكتابةُ عنها إلى تأريخٍ لسننِ الركود الإداريّ في حوكمة المؤسسات الأكاديمية، فقد بلَغت اليومَ نصابَها الكامل من الرشد الإداريّ الذي جعلَها تضبط شأنِها التعليمي بشروط وطنيّةٍ رصينةٍ غيرِ قابلةٍ للتجاوز أو الاختزال، كما مكَّنها من تمثيلِ رؤيتِها ورسالتِها ضمن نطاقِ مصفوفة أكاديمية تتناسب مع السمعة الجذّابة للتعليم الأردني على مستوى الوطن والإقليم.
إنّ السَمْتَ الإداري لجامعاتنا هو المسؤول عن وضع الحدّ الفاصل بين عشوائيات تلقينية لا هُويّةَ لها ومؤسساتٍ علميّة متطوّرة مهمتها توليد الإنسان المنتمي الذي يجسّرُ معرفيًّا بين الوطن والمجتمع، وجامعةُ عجلون الوطنيّة التي فرضت نفسها مرجعيّةَ استشفاءٍ علميّ موثوق لا تؤمن بالحشوات الفكرية المؤقّتة في تأهيل المسلك الأكاديمي لمنسوبيها من الطلبة، ولا تتبنى إدارتُها العملَ في مضمار التمرينات العاطفية الرخوة التي تخلق وجدانًا شبابيًّا مأزوما بعدم اليقين، فهي تخدم مشروعًا وطنيًّا يتمُّ تنسيقُهُ لبناء وعي أصيل لا يتعارض مع طموحات الدولة الحديثة، وإنما يتكامل معها في تكريس علميّةِ الإنسان.
هذه هي جامعة عجلون الوطنية التي حدّدت أدبيّاتِها انطلاقًا من إصرارِها على تحقيق الربح الوطني المنشود، وهو ربح مشرّف لا يُحسب مردوده بالدينار، وإنما بمنظومة القيم المعرفيّة والتربويّة التي تمّ ترسيخُها للنزوع برسالة العلم نحو مسارات جديدة في بناء العقول، وتحديث مِنصّات التعبير عن ثقافة الانتماء.
لقد أَلِفَتْ جامعتُنا المَهيبةُ التزامَها الثابت بمعايير التميّز والعطاء، فلمْ تُرخِ قوسَها المشدودَ عندما كان المتعذّرُ ممكنًا في قاموس من ينتسبون إلى فضائها الحميم، ولم تستنزفْ خطوتَها الواثقةَ عثرةٌ عندما كان النجاح اللافتُ تحدّيًا لا يقوى على الفوز به إلّا المبدعون، وأيُّ نجاحٍ أتمُّ وأوفى من ثمرةِ إدارةٍ متفوّقة وضعتْ حجر الأساس لتدشينِ وجدانٍ أكاديميٍّ صحيح قبلَ أن تحدّثَ العمران وتتوسع في البناء.
إنها جامعةُ عجلون الوطنيّة؛ صرحٌ من الشموخ المعرفيّ يُديرُهُ رئيسٌ برتبةِ قائدٍ ميدانيٍّ يكره تغوّلَ المكتب، ولا تغريه رفاهيةُ التكييف.
نعم، إنها جامعة عجلون الوطنية، كيانٌ جامع من العلم والمعرفة يخدمُهُ موظفون أمناء، ويحافظ على قدسيّتِهِ أساتذةٌ نبلاءُ في أداءِ رسالتِهِم، وطلبةٌ رائعون لا نرى فيهم إلا خرَزَةً أصيلةً تنتظم في مسبحة الوطن لترفدَهُ عند الحاجةِ بعقلٍ مؤهّلٍ ووجدانٍ سليم.
 
                                                                    
 
							










