تداعيات طوفان الأقصى على الصعيد العربي – الجهد العسكري اليمني نموذجاً
شوكت سعدون
يأتي مؤتمرنا اليوم والذي تنظمه رابطة الكتاب الأردنيين ولجنتا فلسطين ومقاومة التطبيع، وتحت شعار ثقافة المقاومة في مواجهة التحديات وأود أن أشير إلى أن ما نواجهه ليس تحديات وإنما مهددات ولا يفوتنا هنا أن خبراء الأمن يميزون بين محددات وتحديات ومهددات وما نواجهه بالفعل هو مهددات هذا وقد تحدث المحاضرون الأجلاء في معنى ثقافة تعريفاً وتفسيراً ولكن لم يتم التطرق إلى مصطلح مقاومة وفي عجاله اسمحوا لي بتعريف هذا المصطلح وفي اللغة وبحسب قاموس المعاني فإنه اسم مصدر قاوم وهي رفض الخضوع لإرادة الغير، مواجهة الخطر أو العدو وعدم الاستسلام له.
وفي المعجم الوسيط فإنها تعني ممانعة قوة ما ورفض الخضوع لها. أما في الإنجليزية Resistance فأتت بمعنى صمود، مناهضة وفي معجم وبستر أتت بمعنى الجهد المبذول لمقاومة أو هزيمة قوة، القدرة على تحمل أو منع تأثير قوة معينة ونلاحظ أنها تعني الصمود والرفض وعدم الخضوع ومواجهة الخطر ولكن لم يرد في التعريفات العربية إشارة إلى الجهد المبذول والقدرة على التحمل أو منع التأثير، إذن فالمقاومة لن تتأتى إلا من خلال جهد مبذول والقدرة على التحمل تعتبر ركيزة أساسية في مواجهة الخطر والصمود في مواجهة فرض إرادة الغير. وبهذه المعاني فإن ثقافة المقاومة تعني ثقافة الصمود ورفض الخضوع ومواجهة الخطر والعدو وعدم الاستسلام له والجهد الثقافي المبذول والقدرة على التحمل لمنع تأثير قوة العدو ومناهضته.
ومؤتمرنا إذ ينعقد اليوم تحت شعار ثقافة المقاومة في مواجهة التحديات وكان لطوفان الأقصى الأثر الأكبر بل هو العنوان الرئيسي في تراكمات المقاومة في منطقتنا وسبق وأشار الزملاء لجوانب عديدة في هذا المجال.
إن المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر اكتست جميع المعاني السابقة بل وأكثر من ذلك إذ تعدت من الساحة الفلسطينية إلى الساحة العربية ووصلت إلى إقليمي غرب آسيا وشمال أفريقيا بل وكافة أصقاع الكوكب بل وأخذت طابعاً أممياً شعبياً لازلنا نعيش أحداثه، نعم هناك حركة تضامنية أممية شعبية وهذا إضافة نوعية وجديدة لحركات أممية سابقة.
وحين قلنا أن لطوفان الأقصى تداعيات ليس على الصعيد العربي فحسب وإنما له تداعيات إقليمية فالعرب ليسوا هم المكون الوحيد لدول وشعوب إقليم غرب آسيا وها نحن نشهد امتداد هذه التداعيات والتي أشار إليها من سبقني وها أيضاً نحن نلمس هذه التداعيات التي امتدت إلى جنوب آسيا في باكستان ووسط آسيا وحتى إلى القفقاس وأذربيجان وبالطبع لا نستطيع هنا التوسع في التداعيات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية وامتداداتها الإقليمية. ولهذا سنأخذ التداعيات على وفي اليمن وفي جزئية اعتبرها مهمة وهي المقاومة اليمنية للإمبراطورية الأمريكية وحصراً في تطبيق مبادئ الحرب بين طرفي المواجهة وأعني اليمن والإمبراطورية الأمريكية.
وابتداءً ينبغي التأشير على أن ما يجري هو صراع تناقضات تناحرية تجري في إطار وحدة الإقليم الذي يجري فيه الصراع ومن هذه التناقضات الحرب باعتبار أنها قمة التناقضات السياسية بحسب تعريف كلاوزفيتز للحرب وأنها امتداد للسياسة بوسائل عنيفة خشنة.
وما جرى في اليمن وبين القوات المسلحة اليمنية والقوة البحرية والقوة الجوية للبحرية الأمريكية هو صراع مسلح في إطار جغرافيا برية وبحرية محددة هما البر اليمني وبحر العرب والأحمر وبذلك فإنه مسرح عمليات بحري وجوي في أغلب جوانبه وأي صراع مسلح وصولاً إلى الحرب فإنه في الأساس تطبيق لمبادئ الحرب بقدر ما أنه صراع هذه المبادئ وتطبيقاتها في مسرح عمليات البحرين الأحمر والعرب والبر الجغرافي اليمني.
القوات المسلحة اليمنية ومسرح عمليات بحرا الأحمر والعرب:
صراع مبادئ الحرب وتطبيقاتها في مسرح العمليات
العنوان الاعرض والابرز للقوه الإمبراطورية بكافة انواعها الخشنة والناعمة والذكية حسب تصنيفات (جوزف ناي) والمعبر عنها بالأسطول الحربي الامريكي وفي القلب منه حاملات الطائرات وقوتها الجوية للبحرية Spreadhed of US Power. حيدت وبأقل التكاليف هذا المظهر للقوه الإمبراطورية مما جعل مناطق حظر ابحار حاملات الطائرات) حقيقة عمليه واقعه ممارسة على أرض الواقع وفي الميدان الفعلي في مسرح عملیات حوض البحر الاحمر وامتداداته الى بحر العرب ، بعد ان كان هذا مجرد طرح نظري حيث ظهر هذا المصطلح في العقد الأول من القرن الحالي بعد تنامي مدی ودقة الصواريخ ارض بحر وقدراتها التدميرية ناهيك عن سهولة وبساطة ادارة الصواريخ والبساطة مبدأ من مبادئ الحرب وها نحن نراه مطبقا على ايدي القوات المسلحة اليمنية وأصر انها قوات مسلحه يمنيه وليس مليشيات حوثيه وإذا كانت مليشيات فإنها تحولت إلى قوات مسلحه يمنيه كما تحول (جيش الطريق الثامن الصيني) بحسب تنظيرات واجراءات (ماو) في الكفاح المسلح. وعودة لمناطق (حظر الإبحار) يُعرف هذا المفهوم الجديد للحرب البحرية باسم سياسة المناطق المحظورة أو (Anti access- Area denial)، والمعروف اختياراً بـ (ADIAD2)، وهي إستراتيجية تسعى لجعل حاملات الطائرات عديمة الجدوى حين تُنفّذ عمليات هجومية بالقرب من الشواطئ، وهو ما يُفقدها جزءًا كبيرا من قدراتها بل ويُعرّضها لخطر الدمار حال أقدمت على تنفيذ عملية هجومية وتجعل هذه السياسة التي تقوم على تطوير القدرات الصاروخية أي قوة بحرية تقليدية مُهددة بفقدان بعض أصولها والتعرُّض إلى مخاطر مرتفعة حال قرَّرت تنفيذ عملية هجومية(*) أول المبادئ التي طبقتها القوات المسلحة اليمينة (البساطة كمبدأ من مبادئ الحرب، تستخدمه القوات المسلحة اليمنية، حين تطبق استخدام تكتيك سلاح الصاروخ في مقابل كثافة نيران القوات الجوية للبحرية كمبدأ حرب تطبقه الامبراطورية وما يعنيه ذلك من ذيل إداري طويل لقواتها المسلحة وتعقيد شؤونها الادارية واللوجستية والامداد والتزويد والصيانة والخدمات الطبية وما يصاحب ذلك من كلف تدريب وادامه وحشد عديد وعدة نعم البساطة في مقابل كثافة النيران وحشد القوة، مما احدث تعديلا نسبيا في ميزان القوه ومن المرجح ان القوة التحالفية لليمن الظاهر والكامن منها Potential في مقابل القوه التحالفية للإمبراطورية التي لا تخفى على أحد تؤشر على أن قوة التحالف اليمنية قالت كلمتها. قصارى القول أن القوات المسلحة طبقت بنجاح مبادئ الحرب وهي البساطة والاقتصاد في القوة وإدارة التحالفات والشؤون المعنوية والتمسك بالأرض ولا شك أن الاستطلاع له أثره هذه المبادئ تفوقت على مبادئ قوة النيرات وحشد القوة والشؤون اللوجستية، إنه صراع مبادئ الحرب والقدرة على تطبيقها بنجاح والحكم في ذلك تقرره مجريات الميدان التكتيكي من مستوى فن العمليات وما بعده.
وبعد فإن اليمنيين وإذا طبقنا تعريفات المقاومة عليهم فإنها كلها لغوياً، واصطلاحياً تنطبق عليهم تطبيقاً يرقى إلى مستوى التطبيق بحذافير التعريفات التي أشرنا إليها، أن تطبيقات مبادئ الحرب ما هي إلا ديالاكتيك الصراع بين نقيضين يطبقان المبادئ المشار إليها إضافة إلى أن مبادئ الحرب هي تعبير عن الترابط الديالاكتيكي بين هذه المبادئ وليست منفصلة عن بعضها.
وبموجب كل ما أشير إليه فإنه وبالرغم عن اختلال ميزان القوة يبن الإمبراطورية واليمن والذي يميل بشدة لصالحها فإننا نسوق استنتاج مهم ومهم جداً وهو أن حتى مع خلل ميزان القوة بين قوتين متصارعتين فإن القوة المقاومة تستطيع الصمود وتحقيق إنجازات والتصدي.
