بقلم :الدكتور صالح العجلوني/ عميد كلية نسيبة المازنية للتمريض والقبالة والمهن الطبية المساعدة السابق
يا لها من حكاية عشقٍ عميقة سُطّرت بأصابع الذاكرة، وارتدت وشاح الانتماء الصادق ،تحمل في طيّاته مزيجًا من الوفاء والفخر، وتستحق أن تقدَّم كقصيدة وطنية، تليق بجامعة اليرموك،الجامعة التي تشبه الأغنية الخالدة في ذاكرة العلم والوطن.
سلامٌ عليك يا يرموك يا ريحانةَ الجامعات،ويا أنشودةَ العلم التي لا تخفت،سلامٌ عليكِ يا شجرةَ المعرفة،التي إذا اهتزّت أغصانُها… نثرت عبق العلم و الفكر في كل ربوع الوطن، يا منارةَ العقل، وسفيرةَ الحرف، ومنبرَ الأساتذة الذين لا يُقاس طولهم إلا على وقع خُطاهم.
أنتِ يا يرموك، شامخةٌ كجبال الشمال، عصيّةٌ على النسيان، متجذّرة كالسنديان في تراب الوطن،تتوسّطين القلب كعقدٍ نفيسٍ على صدر الأردن، ومن رحمك خرجت جوهرة الجامعات:
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية،ومنكِ انطلقت أفواج الوزراء والعلماء، ورؤساء الجامعات، والمهندسين، والاساتذة روّاد النهضة العلمية، وأحلام الصناعة فأنتِ مَعينُ الإلهام، ومهدُ الطموح، ومرفأ الأحلام.
في كلياتك، يسير نهرُ العلم رقراقًا، يرتوي منه العاشقون للمعرفة،وفي ممراتك تنبت الأزاهير على وقع خطوات الطلبة.
يا يرموك : يا أغنيةَ المجد، يا من يصدح خريجوك بأعذب الألحان، ويلبسون عباءة النقاء في تخرجهم، تخفق قلوبهم بالحب، وتنبض أرواحهم بالأمنيات.
يا يرموك: كيف ننسى ماءكِ العلمي العذب،الذي انساب رقراقًا في ربوع الأردن،جنبا إلى جنب مع صروحنا الأكاديمية الأخرى،ليروي ظمأ الوطن، ويغذي ينابيع الفكر،فيسقي العلماء من نهرك الذي لا يرتوي منه أحد، ومهما شربوا ظل فيهم العطش لجمال معرفتك.
وعلى شواطئ كلياتك، استيقظت زهورُ العلم من سباتها،وذاب جليد الجهل بدفء أنفاسك،وغردت طيورُ الهوى فيكِ بألحانٍ علميةٍ بهية، فجاد الوتر… وازدهر الوطن، وغدا القمر أجمل،ينثر ضوءه على وجنات الوطن،فيضيء الحلم، ويزدهر العمر.
يا يرموك،،،
يسير فينا نهرُ علمكِ في زوارق الطب،وفي قوارب الصيدلة، والتمريض، والكيمياء، والفيزياء، والآداب،تدفعها مجاديف كلية الإعلام،فتعبر سفينتك بحر المعرفة بثبات، ومهما أبحرنا في مكتبتك لا نغرق،بل نطفو على أمنياتنا، وتزهر فينا الأحلام، ويزدهر بك الوطن.أبعث إليكِ محبتي مغلفةً بورق الريحان،مزينةً بأزهار القرنفل، والفل، والياسمين،تحملها أسرابُ العلماء،وتحطّ بها على أرض الوطن،كأنهم يقولون:
“إن لم يكن الودّ من القلب منبعه ،فسلامٌ على الودّ ومُتصنّعه.”يا جامعةً تعلّمنا فيها كيف نقرأ الإحساس قبل الحروف،
فالحروفُ للجميع، أما الإحساس فينبع من الذات الإنسانية.
فهل من جمالٍ أصدق من أن تبحث بين زوايا العمر عن ممراتٍ تسرق منها لحظاتٍ لا تُنسى؟ لحظات يصمت فيها كل جدال ،لحظات إذا مرّت بذاكرتك، تركت صورًا تأبى أن تغيب.
يا يرموك ستبقين في قلبي نشيدًا لا يخفت، وحبًا لا يهرم،وحلمًا لا يموت