كتب: الصحفي ليث الفراية
في زمنٍ تتكاثر فيه الشعارات وتغيب فيه المواقف يبقى هناك رجالٌ يصنعون فرقاً لا بالكلام بل بالفعل لا بالصور بل بالبصمات وفي قلب هذا المشهد الوطني يبرز اسم النائب السابق محمود الطيطي كقيمة وطنية وإنسانية حملت همّ الناس وانتصرت لقضاياهم وجعلت من خدمة المجتمع التزاماً أخلاقياً راسخاً لا يقبل التراجع
ليس محمود الطيطي حالة طارئة في الشأن العام بل هو نموذجٌ للثبات ومرآة للصدق وتجسيدٌ حقيقي لفكرة أن تكون مع الناس وبينهم ومنهم فما بين المخيم والمدينة والشارع والمؤسسة نسج الطيطي طريقه بثقة وصبر وخلق لنفسه مساحة احترام نادرة في مجتمعٍ اعتاد أن يفرّق بين القول والفعل هو من القلة الذين اجتمع على محبتهم المختلفون وتوافقت على احترامهم الأطراف كافة لأنه اختار أن يكون جامعاً لا مفرّقاً وخادماً لا مستعرضاً
إن الحديث عن الطيطي لا يتوقف عند دوره البرلماني أو الإداري بل يتعداه إلى البعد الإنساني الذي شكّل عماد تجربته فقد أدرك منذ بداياته أن المسؤولية لا تبدأ من قبة البرلمان ولا تنتهي عندها بل هي منظومة متكاملة تبدأ من التفاصيل الصغيرة من شارع بحاجة لتزفيت إلى منزلٍ يحتاج الكهرباء إلى مريض لا يجد العلاج إلى شابٍ يبحث عن فرصة أمل في مجتمعٍ يضيق بأحلامه
لقد جمع بين العقل الاقتصادي الذي يعرف كيف يُدير وبين القلب الإنساني الذي يعرف كيف يُنصت وكان دائم الحضور في الميدان لا متعالياً من برجه بل واحداً من الناس يقف في الصفوف الأولى حين تكون القضية وطنية ويغيب عن المنابر حين يكون الغياب أكثر تواضعاً من الحضور
ما يميّز محمود الطيطي أكثر من غيره هو أنه لم يتعامل مع المواقع بوصفها مكاسب بل بوصفها أدوات لخدمة الغاية الكبرى الناس ولذلك ظلّ في كل مرحلة ذاك الرجل الذي تُفتح له القلوب قبل الأبواب ويُذكر في المجالس بكل خير لأنه لا يعرف غير الخير سبيلاً
إن نجاحه في القطاع الخاص كما في العمل العام لم يكن صدفة ولا ثمرة علاقات بل نتاج رؤية واعية وإرادة صلبة وثقة عالية بالنفس وإيمان عميق بأن الكلمة الطيبة والموقف الصادق هما رأس المال الحقيقي لأي قائدٍ ناجح وقد استطاع من خلال هذا الرصيد أن يبني لنفسه شبكة علاقات عريضة داخل الوطن وخارجه لكنّها بقيت دائمًا في خدمة الوطن والمواطن لا في خدمة المصالح الشخصية
هو رجلٌ وحدويّ حتى النخاع يعشق فلسطين كما يعشق الأردن ويؤمن بأن الأوطان لا تُجزأ وأن القضايا لا تُقايض وأن الكرامة لا تُساوم هذا الموقف لم يكن شعارًا على لافتة بل نهجًا مارسه في أدق تفاصيل حياته اليومية وكرّسه في كل موقعٍ شغله حتى بات مرآةً حقيقية لصوت الضمير الشعبي
وحين نبحث عن القدوة في العمل الأهلي أو القيادة المتزنة في المجال السياسي أو الكفاءة المتقدمة في ميدان الاقتصاد فإن محمود الطيطي يقف شامخًا بين هذه النماذج القليلة التي جمعت بين الفكر والموقف وبين الحزم والرحمة وبين الإدارة والخدمة وبين القوة والتواضع
إن إرث الطيطي لا يُختصر في صورة ولا يُقاس بعدد المناصب بل هو من أولئك الذين تتحدث عنهم الأفعال قبل الأقوال رجلٌ وطنيٌّ بامتياز وإنسانيٌّ بالفطرة عابرٌ للحواجز الجغرافية والطائفية والمناطقية ومرتكزٌ على فكرة أن خدمة الناس هي شرفٌ لا يُمنح بل يُكتسب
وفي وقتٍ تتكاثر فيه الأسئلة عن الصدق في الحياة العامة يبقى محمود الطيطي أحد الإجابات المشرقة وواحدًا من أولئك القادرين على إعادة الثقة لا فقط بالعمل السياسي أو المجتمعي بل بالإنسان ذاته حين يكون نزيهًا وأمينًا وصادقًا مع نفسه ومع الآخرين