الطبيب الذي يسمع بقلبه ويعالج بضميره: أنس أبو شملة قصة نجاح أردنية
انجاز- في زمنٍ تتعاظم فيه التحديات الصحية وتتسارع فيه وتيرة التطور الطبي، يظهر الدكتور أنس أبو شملة كأحد النماذج الأردنية المضيئة التي تستحق التوقف عندها. فاسمه بات مرادفًا للتميز المهني والالتزام الإنساني، ليس فقط داخل غرف العمليات، بل في كل تفصيلة من تفاصيل علاقته بمهنته ومرضاه. ابن العاصمة عمان، لم يسلك طريق النجاح بخطى متسرعة، بل بنى مسيرته على قاعدة راسخة من الإصرار والعلم، مستلهمًا من قيم تربى عليها منذ الصغر، أساسها احترام الإنسان وخدمة الوطن.
اختار الدكتور أنس التخصص في جراحة الأنف والأذن والحنجرة، وهو من التخصصات التي تتطلب مزيجًا فريدًا من المهارة اليدوية والدقة العلمية، إلى جانب البعد الإنساني في التعامل مع المرضى، نظرًا لحساسية هذا المجال واتصاله بالحواس الحيوية. ومع حصوله على البورد الأردني في هذا المجال، أثبت كفاءته العالية ومكانته ضمن نخبة الأطباء، مجسدًا صورة الطبيب الذي لا يكتفي بالشهادة، بل يجعل من كل حالة فرصة لتقديم أفضل ما لديه علمًا وضميرًا.
من خلال عمله في وزارة الصحة، تعامل الدكتور أنس مع مختلف الحالات الطبية من شتى محافظات المملكة، ما منحه معرفة عميقة بالواقع الصحي الأردني، ووسع من أفقه المهني. فهذه التجربة الميدانية لم تعزز فقط خبرته التشخيصية والجراحية، بل رسخت لديه حسًا عاليًا بالمسؤولية، إذ بات يؤمن أن الطبيب الناجح لا يقتصر دوره على تقديم العلاج، بل يتجاوز ذلك إلى فهم البيئة الاجتماعية والنفسية لكل مريض، وتقديم الرعاية التي تراعي خصوصية الأفراد وظروفهم.
وقد ساهم حضوره في الميدان الأكاديمي بتعزيز هذه المنهجية المهنية، حين شارك كعضو هيئة تدريس سريري في كلية الطب بالجامعة الهاشمية خلال هذه التجربة، لم يكن مجرد ناقل للمعلومة، بل مرشدًا ومُلهمًا للطلبة، مؤمنًا بأن التعليم الطبي الحقيقي يُبنى على مزج النظرية بالتطبيق، وعلى غرس القيم الأخلاقية قبل المهارات التقنية. وبفضل هذه الرؤية، أصبح الدكتور أنس قدوة للعديد من الطلبة الذين لمسوا عن قرب نموذج الطبيب المُربي.
ومن اللافت أن العلاقة التي يبنيها مع مرضاه تتجاوز التشخيص والعلاج، لتُلامس عمق الاحتياج الإنساني. فهو الطبيب الذي يُنصت بصدق، ويُطمئن بلغة بسيطة، ويُتابع بعناية، حتى بعد انتهاء الإجراءات العلاجية شهادات المرضى تتحدث عن هذا الجانب بجلاء؛ إذ يروي أحدهم أنه دخل عيادة الدكتور أنس وهو في حالة قلق شديد من العملية، لكن أسلوب الشرح والتطمين الذي مارسه الطبيب جعله يشعر بالأمان. وبعد العملية، لم تنقطع المتابعة، بل استمرت بأسلوب شخصي عكس التزامًا نادرًا لا تفرضه الإجراءات الطبية، بل ينبع من قيم إنسانية عميقة.
في الممارسة اليومية، يُجري الدكتور أنس عمليات معقدة تشمل جراحات الأنف التجميلية والوظيفية، وجراحات الأذن البارزة، وعمليات اللوز واللحميات للأطفال والكبار، إضافة إلى التدخلات المتقدمة لعلاج الجيوب الأنفية، والشخير، ومشاكل السمع لدى الأطفال، والتهابات الأذن المزمنة. وتتم هذه الإجراءات باستخدام أحدث المعدات، ووفق أدق البروتوكولات الطبية المعتمدة، ما جعله مقصدًا للعديد من الحالات المحوّلة من أطباء آخرين لما يتمتع به من كفاءة رفيعة وثقة عالية في الوسط الطبي.
وما يميز الدكتور أنس أيضًا هو توازنه اللافت بين النجاح المهني والحضور المجتمعي؛ فقد شارك في العديد من المؤتمرات الطبية المحلية والدولية، وكان ممثلًا مشرفًا للقطاع الصحي الأردني، حيث نقل صورة الطبيب الأردني الملتزم أخلاقيًا وعلميًا. كما بادر بالمشاركة في حملات ومبادرات طبية تطوعية، خصوصًا في المناطق الأقل حظًا، مؤمنًا بأن مهنة الطب لا تكتمل إلا بخدمة من لا يستطيع الوصول إلى الخدمة.
أما على صعيد زملائه في المهنة، فيحظى الدكتور أنس باحترام كبير، إذ يُجمع كثير من الأطباء على أنه نموذج في النزاهة والتواضع والبحث المستمر عن المعرفة. وقد وصفه أحدهم بأنه “طبيب لا يُجامل على حساب المريض، ويحرص على تقديم ما هو الأفضل دون أي تردد”. هذه الشهادات لم تأتِ من فراغ، فالرجل لا يزال، رغم انشغالاته، يخصص جزءًا من وقته للتوعية الصحية المجتمعية، سواء عبر محاضرات أو لقاءات إعلامية، ساعيًا لنشر المعرفة الطبية الصحيحة، خاصة فيما يتعلق بصحة الأطفال وكبار السن.
إن الحديث عن الدكتور أنس أبو شملة هو حديث عن طبيب تجاوز حدود المهنة التقليدية، ليجسد رؤية متكاملة للطبيب الإنسان، الذي لا يرى في المرضى مجرد ملفات طبية، بل أشخاصًا يستحقون كل احترام وتفهم وحرص إن حضوره في المشهد الطبي الأردني يعيد الثقة بقدرة الكفاءات المحلية على إحداث فرق حقيقي، ويؤكد أن لدينا من النماذج ما يجعلنا نرفع الرأس فخرًا، ونطمئن إلى أن الطب في وطننا لا يزال يحمل بعده الأخلاقي والإنساني.
فالطب، كما يرى الدكتور أنس، ليس وظيفة تدر دخلًا، بل التزام أخلاقي ورسالة نبيلة، لا تبدأ في غرفة العمليات ولا تنتهي عند باب العيادة، بل تمتد إلى المجتمع بأسره، وتُترجم يوميًا في تفاصيل دقيقة من العطاء والمسؤولية والضمير الحي.