محمد الرديني
قبل أن تُكتب القوانين وتُسنّ التشريعات، كان القضاء العشائري هو الإطار الذي ينظّم حياة الناس في الصحراء، حيث شكّل العرف والعادة ميزانًا للعدالة وضابطًا للعلاقات بين البشر، وأسهم في حفظ الحقوق وتحقيق التوازن داخل المجتمع.
وفي كل مجتمع رجال تُعرف أقدارهم عند الشدائد، وحين تتعقّد الخلافات ويعلو صوت الغضب، تجد اسم الشيخ طراد الفايز بوصفه مرجعًا راسخًا في القضاء العشائري، ورجل إصلاح عُرف بالحكمة وبعد النظر وحسن الفصل.
لُقب ب“شيخ الضفتين” انعكاسًا طبيعيًا لاتساع مكانته وثقة الناس به، حيث تجاوز حضوره حدود المكان، وأصبح اسمه حاضرًا في مجالس الصلح أينما كان الخلاف، لأن الجميع يدرك أن حكمه (الفرض) لا تحكمه أهواء، ولا تمليه عصبيات، بل يقوم على العدل وصون الكرامة وحفظ الدم يتميّز الشيخ طراد الفايز بحزمٍ يعرف حدوده، ولينٍ لا يُضعف هيبة الحق يجلس بين الخصوم بوقار، يسمع للجميع، ويصل إلى كلمة تجمع ولا تفرّق، وتُنهي النزاع دون أن تفتح أبواب فتنة جديدة. فالصلح عنده ليس إجراءً شكليًا، بل معالجة لجذور الخلاف، وحرصًا على السلم الاجتماعي.
ولا يزال الشيخ طراد الفايز، أطال الله في عمره، نموذجًا للرجل الذي يحمل المسؤولية قبل أن يحمل اللقب، وتبقى جهوده شواهدًا على دور القضاء العشائري حين يكون بيد أهله، وحين تُحل القضايا بالحكمة لا بالغضب.












