كتب: الصحفي ليث الفراية
في مشهد التعليم العالي تتعدد الأسماء وتتباين الأدوار، لكن القلائل فقط من يتركون أثرًا يتجاوز حدود الموقع، ويصنعون من المناصب منصات للإنجاز والعطاء الحقيقي وبين هؤلاء القلائل يبرز اسم الدكتور ماهر المبيضين، عميد شؤون الطلبة في جامعة مؤتة، وأحد أبرز النماذج الأكاديمية والإدارية فيها. لم يكن حضوره مجرد تولٍ لمنصب، بل تجسيد لنهج متكامل من العمل المؤسسي المستند إلى ما أنجزه العمداء السابقون، الذين وضعوا لبنات أساس متينة، فجاء الدكتور المبيضين ليكمل البناء ويضيف إليه من رؤيته التطويرية وروحه القيادية.
بعقليته التطويرية وروحه الإنسانية، استطاع الدكتور المبيضين أن ينهض بالعمادة إلى فضاء أرحب من الخدمة والدعم والرعاية، ليؤسس ثقافة جديدة داخل الحرم الجامعي، قوامها التفاعل والتكامل بين الإدارة والطلبة، واحترام التنوع، وصناعة القيادات المستقبلية.
لم تكن عمادة شؤون الطلبة في جامعة مؤتة يومًا مجرد دائرة تقليدية تُعنى بالشؤون الطلابية، بل كانت على الدوام ركيزة أساسية في بناء الشخصية الجامعية وصقل الوعي الوطني والثقافي للطلبة وعلى مر السنوات، تعاقب على قيادتها عمداء تركوا بصماتهم بكل إخلاص واقتدار، وأسّسوا لمسار واضح من العمل الجاد والنهج المؤسسي المتين.
وجاء الدكتور ماهر المبيضين ليكمل هذه المسيرة المضيئة، ويضيف إليها من روحه القيادية ورؤيته التطويرية ما جعل العمادة أكثر تفاعلًا مع الطلبة، وأكثر التصاقًا بقضاياهم وتطلعاتهم حيث احترم ما أنجزه من سبقوه، وبنى عليه منظومة متكاملة تجمع بين الإدارة الحديثة والدعم الإنساني، لتصبح العمادة في عهده قلب الجامعة النابض وبيتًا مفتوحًا لكل طالب وطالبة.
بحضوره الهادئ والفاعل، شكّل الدكتور المبيضين نموذجًا للقيادة التي توازن بين الحزم الإداري والدفء الإنساني، فكان كما يحب أن يُعرّف صوت الطلبة داخل الإدارة، وجسر الجامعة إلى قلوبهم. وقد نجح في تكريس مناخ من العدالة والاحترام والتواصل، انعكس إيجابًا على الحالة الطلابية في الجامعة، استمرارًا لمسيرة التميز، وحرصًا على أن تبقى العمادة منارة للعطاء والارتقاء.
في عهد الدكتور المبيضين، وامتدادًا لما أسّسه العمداء السابقون من قواعد متينة، وُاصلت مسيرة عمادة شؤون الطلبة بخطى ثابتة نحو تعزيز الحضور الطلابي داخل الجامعة وخارجها فقد حافظت العمادة على نهجها التشاركي مع مختلف وحدات الجامعة، واستمرت في دعم الأنشطة، وتنظيم اللقاءات، واحتضان المبادرات الوطنية والثقافية والاجتماعية وكان للدكتور المبيضين دور بارز في تعزيز هذا الحضور من خلال رؤيته الإدارية المتوازنة، التي احترمت الأسس القائمة، وطورت آليات العمل بما ينسجم مع تطلعات الجامعة والطلبة معًا وقد برز هذا التكامل بشكل خاص في الملفات المهمة، كالتعامل مع الطلبة الوافدين، وتعزيز ثقافة الحوار، وتنظيم الفعاليات التي تسهم في ترسيخ قيم الانتماء والهوية الوطنية.
ما يميز الدكتور ماهر المبيضين ليس مجرد خبرته الإدارية أو الأكاديمية، بل امتلاكه لروح مؤمنة برسالة التعليم العالي كوسيلة لتغيير المجتمعات، لا فقط لإنتاج الشهادات لقد نجح في كل موقع شغله، لأن جوهره يرتكز على قيم ثابتة الصدق، الإخلاص، الإتقان، وخدمة الإنسان قبل كل شيء.
في المؤتمرات العلمية، يُقدّر حضوره كباحث متمكن، كما حصل عندما مثّل الأردن في مؤتمر دولي بالجزائر حول الفكر اللغوي للخليل بن أحمد الفراهيدي وفي اللقاءات المجتمعية، يُحترم كمثقف متوازن يحمل هموم الناس. وفي الحياة اليومية داخل الجامعة، يُعامل كأب وأخ ومستشار لكل طالب وطالبة.
يرى الدكتور المبيضين أن دور الجامعة لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يمتد إلى إعداد جيل واثق، مؤمن بوطنه، متصالح مع ذاته، ومنفتح على العالم ولهذا عمل بلا كلل على دعم الطلبة الوافدين وتعزيز اندماجهم، وابتكر برامج تُعنى بتأهيل الشباب ثقافيًا وقياديًا، إيمانًا منه بأن التنمية تبدأ من داخل الحرم الجامعي، ولكنها لا تنتهي عند بواباته.
لقد أولى عناية خاصة لملف الطلبة العرب والأجانب، ونجح في جعل جامعة مؤتة حاضنة حقيقية لتجربة ثقافية وإنسانية متفردة، ما جعل الجامعة قبلة علمية محببة للعديد من الجنسيات الباحثة عن بيئة تعليمية راقية، تحترم التنوع وتدعم التميز.
الدكتور ماهر المبيضين ليس مجرد مسؤول جامعي، بل هو مدرسة في القيادة المتوازنة، وشخصية وازنة حفرت أثرها في كل مكان حلّت فيه هو نموذج أردني أصيل يُثبت أن النجاح ليس قرارًا إداريًا فحسب، بل هو ثقافة تُمارس، وشغف يُترجم، وضميرٌ يظل حاضرًا في خدمة الناس والطلبة والمؤسسات.
وإذا كان لكل مكان من يرفعه ويصنع مجده، فإن جامعة مؤتة محظوظة بأن يقف فيها أحد رجالاتها الدكتور ماهر المبيضين، الذي يؤمن أن كل طالب يستحق فرصة، وكل إنجاز يستحق الدعم، وكل فكرة يمكن أن تتحوّل إلى مشروع حياة.