إنجاز-أسامة القضاة
تشكل الحرف اليدوية في محافظة عجلون إرثاً تاريخياً وثقافياً عريقاً يعكس هوية المجتمع المحلي وعمق ارتباطه بالموروث الشعبي ويجسد مهارات الأجداد التي ما زالت حاضرة في ذاكرة الأبناء رغم تطور الزمن.
وقال مدير ثقافة عجلون سامر فريحات إن الحرف اليدوية تمثل جزءاً مهماً من الموروث الثقافي الذي تزخر به المحافظة لما تحمله من رمزية تعبر عن أصالة الإنسان العجلوني وتاريخه الممتد في الإبداع والعمل اليدوي المتقن.
وأضاف إن مديرية الثقافة تعمل على توثيق هذا التراث من خلال الفعاليات والمعارض والورش التدريبية التي تنظم بالتعاون مع الجمعيات المحلية والجهات الداعمة.
وأشار إلى أن الهدف من هذه الجهود هو نقل المهارات إلى الأجيال الجديدة وإحياء الحرف التي بدأت بالاندثار بفعل التطور الصناعي، مؤكداً أن الثقافة الحرفية جزء لا يتجزأ من هوية عجلون الحضارية والسياحية.
من جانبه، قال مؤسس متحف راسون للتراث الشعبي محمد الشرع إن المتحف جاء ليحافظ على ذاكرة المكان والإنسان في آن واحد وليوثق الأدوات والمقتنيات التي استخدمها الأجداد في حياتهم اليومية.
وأوضح أن المتحف يضم مجموعة من الأعمال اليدوية مثل أدوات الزراعة القديمة والمنسوجات التقليدية والمصنوعات الخشبية والنحاسية التي تحكي قصة تطور المجتمع الريفي.
وأضاف الشرع أن هذه الحرف تمثل قيمة فنية وإنسانية فهي ليست مجرد مهنة بل أسلوب حياة يعكس احترام الإنسان للطبيعة وقدرته على تحويل المواد الخام إلى تحف نابضة بالجمال والتراث.
من جهتها، أشارت صاحبة بيت المونة الريفي كفى الزغول إلى أنها تعلمت مهنة النسيج وصناعة الصوف منذ كانت في العاشرة من عمرها عندما كانت النساء يجتمعن في البيوت خلال فصل الشتاء للغزل والنسيج.
وبينت أن هذه الحرفة كانت مصدر رزق وفخرٍ للعائلات الريفية إذ اعتمدوا فيها على صوف الأغنام الطبيعي وألوان النباتات لصبغ الخيوط.
وأضافت الزغول أن الحفاظ على هذه الحرفة اليوم هو حفاظ على ذكريات الأمهات وجدات الماضي، داعية الجهات المعنية إلى إقامة دورات لتعليم الفتيات الشابات هذا الفن الأصيل قبل أن يندثر.
بدوره، قال أحد وجهاء منطقة راجب فهمي فريحات إن الحرف اليدوية العجلونية تمثل وجهاً مضيئاً من وجوه التراث الوطني فهي شاهدة على الإبداع والإتقان الذي ميّز أبناء الجبال والقرى، مشيراً إلى أن هذه الحرف مثل صناعة القش والنول والخزف والنحاسيات كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس اليومية ومناسباتهم الاجتماعية.
وأضاف فريحات أن المحافظة على هذا التراث تتطلب وعياً مجتمعياً واسعاً، مشيراً إلى أن إشراك الشباب والطلبة في برامج الحرف اليدوية يسهم بترسيخ قيم الانتماء وتعزيز التنمية المحلية والسياحة الريفية.
وبين الأديب الدكتور رفعت الزغول أن الحرف اليدوية ليست مجرد نشاط اقتصادي أو فني بل هي لغة جمالية تعبر عن فلسفة العيش البسيط والروح الوطنية المتجذرة في الريف الأردني.
وأوضح أن الإبداع في هذه الحرف يعكس علاقة الإنسان ببيئته وقدرته على تحويل احتياجاته اليومية إلى منتج يحمل بصمته الخاصة.












