د. عبدالله الطوالبة
من دون العودة إلى الأصل اللغوي لكلمة حَجْب، لكنها في سياق ما نحن بصدده تندرج في إطار المنع والإقصاء والإلغاء. وكلها مفردات ثقيلة الوطء على الأسماع بمعايير العصر، في زمن الفضاء المفتوح وتدفق المعلومات. عدا عن ذلك، بل وأخطر منه، أنها تنهض أدلة قاطعة على الهروب من مواجهة الرأي الآخر المختلف، حتى لو صُنِْف في قاموسنا وبمعاييرنا الرسمية بالمعادي. الأصل الثقة بالنفس، ومن أفضل تجلياتها وأرأسها في سلم المشروعية، مقارعة الحُجة بالحُجة والرد على الرأي بالرأي. أما اللجؤ إلى “الحجب” والإقصاء فهما بمعايير الحاضر حجة على الفاعل وليس له، ناهيك بهما دليل ضعف واقرار بصحة ما اتخذه ذريعة لفعل الحجب.
وليس يفوتنا تذكير هيئة الإعلام بالقاعدة الدارجة في لغتنا وفي واقعنا، ونعني “كل ممنوع مرغوب”. وعليه، نجزم أن قرار حجب 12 موقعًا الكترونيا سيضاعف عدد متابعيها من الأردنيين خاصة. ولا ريب أن تكنولوجيا العصر ستوفر للراغبين بذلك إمكانية تحقيق مبتغاهم.
بالمناسبة، يستحيل معاندة منطق التاريخ وسننه وتحولاته.
لقد فرضت ثورة تكنولوجيا الإتصال والمعلومات، الأعظم في التاريخ الإنساني، ديمقراطية المعلومة أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا. وهي في طريقها على ما يبدو لفرض الديمقراطية السياسية، على المستويين الرسمي والشعبي. وعلينا أن نتهيأ لذلك ونستعد. بهذا المنظور، فإن استعادة أفاعيل أزمنة الأحكام العرفية ومصطلحاتها للتعامل مع تحولات العصر وتحدياته، باتت تشبه إلى حد كبير فعل من يُطلق النار على قدميه.