ابراهيم علي المحاسنه – خبير في القطاع التعاوني
تواجه التعاونيات متعددة الأغراض في الأردن والدول النامية تحديات في الإدارة، التمويل، وضعف الكفاءة نتيجة تشتت الأهداف وتداخل المهام. ومع تطور متطلبات التنمية الاقتصادية وتماشياً مع قانون التعاونيات الجديد لعام 2025 ، يبرز خيار التعاونيات المتخصصة كبديل أكثر كفاءة وملاءمة لعصر يحتاج إلى التركيز والابتكار والاستدامة.
ويمكن تعريف التعاونيات المتخصصة بأنها تعاونيات تُنشأ حول نشاط واحد محدد أو قطاع اقتصادي معين، مثل الزراعة، التصنيع الغذائي، التسويق، المرأة الريفية، أو الطاقة المتجددة، بهدف تحقيق أقصى فائدة من التخصص والكفاءة، بدلًا من التشتت في أنشطة متعددة كما هو الحال في التعاونيات متعددة الأغراض.
ومن مزايا التحول إلى التعاونيات المتخصصة التحول إلى التعاونيات المتخصصة يوفر العديد من المزايا، أهمها:
1. رفع الكفاءة التشغيلية :عندما يركز الكيان التعاوني على نشاط واحد مثل الزراعة، أو التصنيع الغذائي، أو الطاقة المتجددة، فإن العمليات الإدارية والفنية تصبح أكثر وضوحًا وسهولة في التنفيذ.
2. تعزيز فعالية الأداء: تكون مخرجات التعاونيات المتخصصة قابلة للقياس، ويُمكن تقييم مدى النجاح أو الإخفاق بوضوح، مما يساعد في تحسين الأداء باستمرار.
3. جذب التمويل والدعم : الممولون يفضّلون المشاريع المتخصصة ذات الجدوى الاقتصادية الواضحة والخطة التشغيلية الدقيقة، وهو ما تحققه التعاونيات المتخصصة بسهولة.
4. بناء المعرفة والخبرة: تتمكن التعاونية من تكوين معرفة تراكمية وخبرة تقنية في مجال محدد، مما يجعلها مرجعًا محليًا وطنيًا في ذلك المجال، ويفتح المجال للتوسع والابتكار.
5. الاستجابة للطلب السوقي :التخصص يمكن التعاونية من فهم الأسواق بشكل أعمق، والاستجابة لحاجاتها بكفاءة أكبر، ما يعزز فرص التسويق والمنافسة.
6. التأثير في المجتمع المحلي: تصبح التعاونية نموذجًا يحتذى، وتدفع بالتغيير في محيطها.
ومن الأمثلة على التعاونيات المتخصصة :تعاونية نحل مختصة بإنتاج العسل الطبيعي ، تعاونية تصنيع غذائي لمنتجات العنب والتين المجفف ، تعاونية طاقة شمسية لتقديم خدمات الطاقة النظيفة للبيوت الريفية ، تعاونية لتسويق المنتجات التراثية.
وتوجد إشكالية في التعاونيات متعددة الأغراض رغم أنها نشأت استجابة لحاجات مجتمعية متنوعة في وقت واحد، فإن هذا النموذج أصبح غير فعّال في كثير من السياقات لأسباب عدة، من أبرزها:
– تشتت المهام والأهداف مما يؤدي إلى ضعف التركيز وفقدان البوصلة.
– ضعف الكفاءة الإدارية نتيجة تعدد النشاطات وتباين الخبرات المطلوبة.
– تداخل في اتخاذ القرار وصعوبة في وضع مؤشرات تقييم دقيقة.
– صعوبات في التمويل بسبب ضبابية نموذج العمل وضعف تخصصه.
ومن مزايا تأثير التحول على التنمية المحلية
– خلق فرص عمل ثابتة بدل الموسمية.
– رفع الدخل المحلي عبر المنتجات المتخصصة ذات القيمة المضافة.
– تحقيق الأمن الغذائي من خلال تعزيز الإنتاج المحلي.
– رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية بتوجيه الجهود نحو تخصص محدد.
وللتعاونيات المتخصصة أثر في الحد من الفقر والبطاله عن طريق :
1. تحسين الدخل للأعضاء: من خلال تقاسم الأرباح وتوفير خدمات بأسعار منخفضة.
2. القدرة على الوصول إلى الأسواق: التعاون الجماعي في الإنتاج والتسويق يمنح الأعضاء فرصًا أفضل للبيع، مما يرفع من ربحيتهم.
3. خفض تكاليف الإنتاج: عبر الشراء الجماعي للمدخلات أو استخدام المعدات المشتركة.
4. الحماية الاجتماعية: من خلال تقديم دعم في حالات الطوارئ أو الأزمات للأعضاء.
5. توليد فرص عمل مستدامة: خصوصًا في القطاعات الزراعية والحرفية والبيئية.
6. تشجيع الريادة الجماعية: ما يسهّل على الشباب دخول السوق بدون الحاجة إلى رأسمال كبير.
7. التدريب وبناء القدرات: من خلال تطوير مهارات الأعضاء في مجالات متخصصة.
8. الاحتفاظ بالكفاءات في المجتمعات المحلية: مما يحدّ من الهجرة الداخلية ويحفّز التنمية الريفية.
وهناك أثر للتعاونيات المتخصصة على التنمية المستدامة
المجال الأثر المحقق
الاقتصادي: تعزيز الإنتاج، تقليل التكاليف، تحسين الدخل
الاجتماعي : تمكين النساء والشباب، بناء الثقة والتكافل
البيئـــــــي: اعتماد ممارسات صديقة للبيئة، حماية الموارد
المؤسسي: حوكمة أفضل، تركيز إداري ومالي، وضوح الأهداف
وهناك العدد من ألامثلة الناجحة في التنمية المستدامة
1. تعاونيات الزراعة العضوية – المغرب وتونس : ساهمت في نشر الممارسات الزراعية المستدامة وتقليل الاعتماد على المبيدات ومكنت صغار المزارعين من الوصول إلى أسواق التصدير عبر شهادات جودة عضوية.
2. تعاونيات التسويق الزراعي – كينيا وأوغندا : جمعت مزارعين في شبكات تعاونية لتسويق محاصيلهم مثل البن والذرة وحسّنت من أسعار البيع وخفّضت التكاليف من خلال التفاوض الجماعي.
3. تعاونيات الطاقة الشمسية – الهند : تمكنت من تزويد قرى كاملة بالكهرباء عبر محطات طاقة شمسية صغيرة بإدارة تعاونية وساهمت في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الحياة.
وهنالك جملة من التوصيات عند تطبيق التحول الى التعاونيات المتخصصه منها:-
1. دعم المؤسسة التعاونية للتحول نحو التعاونيات المتخصصه.
2. تدريب الأعضاء على الإدارة الحديثة والتخطيط المالي.
3. تشجيع إنشاء اتحادات نوعيه تربط التعاونيات المتخصصة.
4. تعديل الانظمه والتعليمات لتشجيع التخصص وتقديم الحوافز.
واخيرا يمكننا القول بإن التحول إلى التعاونيات المتخصصة لم يعد خيارًا تنظيميًا فحسب، بل أصبح ضرورة ملحّة لتعزيز دور التعاونيات في التنمية الوطنية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية المتزايدة. فكلما زادت درجة التخصص، ارتفعت الكفاءة التشغيلية، وتحسّنت القدرة على جذب الشركاء والداعمين، وتحقيق الأثر التنموي المطلوب ، وباتت التعاونيات المتخصصة تمثل خيارًا استراتيجيًا لتمكين المجتمعات المحلية من قيادة تنميتها الذاتية، عبر نموذج تعاوني يجمع بين الخبرة، الحوكمة، والمردود الملموس، وهي اليوم ضرورة ملحّة في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية، خاصة في الدول النامية كالأردن.