البطالة في الأردن: أزمة هيكلية تهدد النمو الاقتصادي وتتطلب إصلاحًا شاملًا
بقلم الدكتور متري شبلي الزريقات
تُعدّ البطالة من أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية التي تواجه الأردن في المرحلة الراهنة و حتى منذ سنوات ، إذ ما زال معدلها مرتفعًا رغم الخطط والبرامج الحكومية المتعاقبة و اقامة بعض المشاريع الاستثماريه في مختلف المحافظات . وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل البطالة العام يتراوح حول 21%، فيما يتجاوز بين فئة الشباب 40%، وهو رقم يعكس اختلالًا واضحًا في هيكل سوق العمل الوطني
تتعدد أسباب البطالة في الأردن، بدءًا من بطء النمو الاقتصادي مقارنة بالزيادة السكانية و محدودية المشاريع الاستثمارية و بالاخص في محافظات الجنوب ، مرورًا بعدم مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات السوق، وصولًا إلى ضعف الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتراجع قدرة القطاع الخاص و العام على استيعاب الأيدي العاملة. كما أسهم الاعتماد التاريخي على القطاع العام في ترسيخ ثقافة البحث عن الوظيفة الحكومية الآمنة، في وقت لم تعد فيه الدولة قادرة على التوسع في التوظيف بسبب محدودية الموارد الماليةو ارتفاع المديونية وارتفاع فاتورة الأجور و محدودية عدد الوظائف في القطاع العام .
إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب رؤية اقتصادية شاملة تقوم على تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي عبر تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيض الضريبة، إضافة إلى إعادة توجيه التعليم نحو المسار المهني والتقني بما يتوافق مع احتياجات السوق الفعلية. كما يُعدّ دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية لتوسيع قاعدة التشغيل، مع ضرورة توفير التمويل الإنتاجي وتخفيف الأعباء على رواد الأعمال
إلى جانب ذلك، يبرز التحول نحو الاقتصاد الرقمي والطاقة المتجددة كفرصة استراتيجية لخلق فرص عمل نوعية تسهم في الحد من البطالة، خصوصًا في المحافظات البعيدة عن المركز. ويمكن للامركزية الاقتصادية أن تعزز توزيع التنمية وتدعم التوازن بين المناطق من خلال تحريك الاستثمارات المحلية وتشجيع المبادرات الشبابية.
إن مواجهة البطالة في الأردن ليست مجرد قضية اجتماعية و اقتصاديه بل مسألة وطنية تمسّ استقرار الاقتصاد ومستقبل الأجيال القادمة، وتتطلب تكاملًا حقيقيًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية لتأسيس سوق عمل أكثر توازنًا واستدامة











