إياد الوقفي
بين الإعلام التقليدي وما اتفق على تسميته بالإعلام الجديد علاقة تنافر لا تجاذب، بكون الأول يقوم على المؤسسية والمصداقية، فيما الآخر أساسه الإشاعة والهوى الشخصي، نظرا لغياب المهنية وتصدّر الأجندات إلى الواجهة، والأصل أنهما لا يتقاطعان عند نقطة معينة بسبب اختلاف الغايات والأهداف.
واذا ما أردنا أن نشخّص واقع الإعلام في الأردن من باب موضوعية الطرح والانصاف تجاه مؤسساتنا الإعلامية إذا ما تناولنا الجانب المهني ورسالة الإعلام بعيدا عن الجانب المالي، نجد أن هناك ثقافة لا زالت متجذرة تتمحور حول مسؤول ممسك ومقتّر في تقديم المعلومة للصحفيين والاعلاميين على حد سواء، مما يؤدي إلى البحث في ثنايا وسائل التواصل الاجتماعي، عن ادراجات باتت تشكل مصدرا اخباريا بغض النظر عن مدى مصداقيتها ليتعامل معها الجمهور على أنها حقيقة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها.
تناولت في مقالة سابقة على موقع عمون أهمية قانون حق الحصول على المعلومة، هذا القانون على أهميته إلا أنه غير كاف ولا يؤدي الغرض الموجود من أجله، بقدر أن نفلح في تغيير ثقافة المسؤول في التعاطي مع الإعلام الوطني وتعزيز الثقة بهذا الاعلام، الذي يحتم عليه أن يكون أكثر تجاوبا وشفافية في اسناد الدور الوطني للرسالة النبيلة التي تحملها هذه المؤسسات، عبر ضخ ما يلزم من معلومات تجاه أي موضوع يطرأ على الساحة الوطنية، ليوصد الباب أمام الإشاعات وأصحاب الأجندات في محاولة إثارة الشغب
وتضليل الرأي العام.
غياب الرواية الرسمية عن أي حدث وانتظار ردة فعل الشارع أو طريقة عرضها على وسائل الإعلام الجديد، يعرقل مهمة الإعلام الوطني من القيام بدوره المأمول منه، نظرا لتداوله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل، ويوفر فرصة ثمينة لتداول الأخبار الكاذبة بعد إدخالها في “فرن السوشيال ميديا وتقديم وجبة ساخنة إلى الجمهور المتعطش لمعرفة ما يدور حوله من أحداث تطفوا على السطح من حين لآخر.
المؤسسات الصحفية والاعلامية برغم شح مواردها
وإمكاناتها، الا أنها تحفل في العديد من الكفاءات الصحفية والإعلامية، وعلى المؤسسة الرّسمية أن تستثمر في هذه الكفاءات وتساندها في تقديم رسالتها الإعلامية، حتى تحدث فرقا على صعيد ما يتردد من حملات افتراء وتشويه لدور الأردن في نصرة القضايا العربية، ولتشكل خطا يوازي مجاهيد الدولة في حفظ أمن واستقرار الوطن، في ظل ظرف إقليمي صعب نتقاذفه أمواج عاتية قد لا تبقي ولا تذر.
الإعلام الأردني برهن على الدوام أنه صاحب رسالة ويعمل رديفا لمؤسسات الدولة، وليس من المقبول التلكؤ في تقديم كل ما يخدم رسالته للتعاطي مع قضايا مهمة وحساسة، استطاع فيها خلال فترات سابقة أن يقدم حجته ويعري كل ما من شأنه النيل من منظومة أمننا الوطني.