#اعلاميون_اردنيون
يمثّل الإعلامي الأردني أنس طلال فايز المجالي واحدًا من أبرز الأصوات الإعلامية التي أثرت المشهد الأردني والعربي خلال أكثر من سبعة وعشرين عامًا من العمل المتواصل، وقد استطاع أن يرسّخ حضورًا مهنيًا صلبًا يجمع بين التقديم والتحرير والإدارة والتدريب وصناعة المحتوى السياسي والإخباري.
من خلال مسيرته الحافلة، شقّ المجالي طريقه كإعلامي واثق يمتلك لغة متينة، وحضورًا رصينًا، وقدرةً عالية على قراءة المشهد وتحليل الملفات المعقدة بوعي واتزان.
وُلد المجالي في السادس عشر من حزيران عام 1976 في عمان، وترسّخت اهتماماته المبكرة بالإعلام على قاعدة علمية متينة؛ و حصل على درجة الماجستير في الصحافة والإعلام الحديث من معهد الإعلام الأردني عام 2012، و كان نال درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم الإدارية من الجامعة الأردنية عام 1997، وهو ما منحه قدرة على الدمج بين المعرفة السياسية والاقتصادية وفنون التقديم وصياغة الرسالة الإعلامية.
بدأت الخطوة الأولى في مسيرة المجالي المهنية عام 1997 من صحيفة العرب اليوم، حيث التحق بها لفترة قصيرة قبل أن يتجه إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية أواخر عام 1998، وهي المحطة التي أسست لانطلاقته الحقيقية. التحق بمديرية الأخبار بوظيفة مساعد محرر، ويفتخر بأنه تتلمذ على أيدي نخبة من رواد الإعلام الأردني، كما عمل مندوبًا إخباريًا لبرنامج “ستون دقيقة”، ثم محررًا مسؤولًا للبرنامج ، قبل أن يبدأ تقديم المواجز وصولًا إلى النشرات الرئيسة والبرامج السياسية بعد خضوعه لدورات متخصصة.
برزت قدراته التحريرية مبكرًا حين اختير عام 2000 للعمل في الدائرة السياسية والاقتصادية حديثة التأسيس، والتي أنتجت مجموعة من البرامج السياسية والاقتصادية المؤثرة.
وفي عام 2003، واجه مبكرا أحد أبرز تحدياته المهنية حين تم اختياره والزميلة القديرة فخر عبندة لتقديم استديو انتخابات 2003 لمدة 12 ساعة متواصلة من السابعة صباحًا حتى السابعة مساءً، في أطول فترة ظهور متواصلة على الهواء.
في عام 2004، انتقل المجالي إلى تلفزيون الراي في الكويت، أول تلفزيون خاص هناك، ليخوض تجربة عربية أوسع وأكثر تنوعًا. قدم النشرات الرئيسية، وأدار البرامج الحوارية السياسية مثل “آراء ساخنة” و”لقاء الرأي”، إلى جانب إدارة الاستديوهات المفتوحة وتغطية الأحداث العاجلة، وهي تجربة وصفها بأنها ثرية وقدمت إضافة مهمة لمسيرته المهنية، خصوصًا في الحوار السياسي وإدارة المقابلات.
عاد المجالي إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في الأول من كانون الأول 2008 ليبدأ مرحلة أكثر نضجًا وتأثيرًا. قدم خلال هذه السنوات مجموعة واسعة من البرامج السياسية والإخبارية، أبرزها:
– “آراء ومواقف”
– “ستون دقيقة”
– “منتصف النهار”
إلى جانب تقديمه النشرات الرئيسة وإجراء لقاءات معمقة مع شخصيات سياسية واقتصادية رفيعة، ومنهم رؤساء حكومات مثل: الدكتور عبد الرؤوف الروابدة، الدكتور هاني الملقي، الدكتور عمر الرزاز، والدكتور بشر الخصاونة. وتميز المجالي بدقة الأسئلة، وهدوئه، وقدرته على استخراج مواقف جوهرية من ضيوفه.
أما من الناحية الإدارية، فقد تولى المجالي مناصب قيادية مهمة في غرف الأخبار، كان أبرزها:
– مدير الأخبار في التلفزيون الأردني (2017–2020)
– كما اختارته مجموعة الراية ليشغل منصب مشرف عام الأخبار ورئيس تحرير “هلا أخبار” عام 2020، في خطوة عكست ثقتها بخبرته وقدرته على إدارة المحتوى الإخباري في واحدة من أبرز المؤسسات الإعلامية خارج إطار التلفزيون الأردني.
– عاد بعد ذلك إلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، حيث تولّى منصب مدير أخبار الإذاعة الأردنية، مستأنفًا دوره في تطوير المحتوى الإخباري وتعزيز حضور الإذاعة ضمن المشهد الإعلامي الوطني. (2020–2024).
– وفي شهر شباط من عام 2024، تم تعيينه مستشارًا لمدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ليواصل من خلال هذا الموقع دوره في تطوير السياسات الإعلامية وتعزيز كفاءة العمل المؤسسي.
وخلال فترة إدارته للأخبار في التلفزيون الأردني، واجه تحديًا كبيرًا تمثل في تحديث منظومة العمل الإخباري؛ حيث أشرف على التوسع في النشرات والمواجز، وتفعيل الأخبار العاجلة والتغطيات الميدانية، إضافة إلى الإشراف مع الإدارة والزملاء على التدريب والتحول من الأشرطة التقليدية إلى النظام الإلكتروني لإنتاج الأخبار، إلى جانب انطلاقة المحتوى الرقمي للمؤسسة.
ومن المراحل المهمة في مسيرة المجالي كانت عام 2010، إذ عُهد إليه بتقديم برنامج “آراء ومواقف”، الذي شكل علامة فارقة في المشهد الإعلامي الأردني خلال فترة ما سمي بالربيع العربي. حيث اعتمد البرنامج على إبراز الرأي والرأي الآخر واستضافة شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية مؤثرة، وقد حصل على جائزة ثاني أفضل برنامج حواري عربي من اتحاد إذاعات الدول العربية، فيما نال المجالي جائزة الحسين للإبداع الصحفي عن حلقة قدمها في البرنامج حول “السيناريوهات الأردنية بعد أسر الطيار معاذ الكساسبة”.
في عام 2021، سجّل المجالي محطة مهمة في مسيرته حين أجرى أول حوار تلفزيوني مع سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، وهو أول ظهور إعلامي من هذا النوع لسموّه عبر وسيلة إعلام مرئية. وقد شكّل هذا اللقاء حدثًا بارزًا في المشهد الإعلامي الأردني لما تضمنه من رسائل وطنية وسياسية وشبابية مهمة، كما عُدّ بالنسبة للمجالي تتويجًا لخبرته الطويلة في إدارة الحوارات السياسية الرفيعة، نظرًا لما تطلّبه الحوار من دقة في التحضير، ورصانة في الطرح، وقدرة على إدارة الحديث مع شخصية محورية. وقد وصف المجالي تلك اللحظة بأنها واحدة من أهم محطات حياته المهنية وأكثرها تأثيرًا في مساره الإعلامي.
عاد المجالي إلى الشاشة السياسية بقوة في عام 2023 بعد انقطاع دام أكثر من ست سنوات عن البرامج السياسية، حين كُلّف بتقديم برنامج “مسارات”، وهو برنامج تناول ملفات الشأن المحلي السياسي والاقتصادي بعمق تحليلي. وبعد اندلاع الحرب الإجرامية على الأهل في غزة، خُصّصت حلقات البرنامج لأكثر من عام لتغطية تطورات غزة وكشف زيف رواية الاحتلال، وهو ما أهّله للحصول على جائزة فرسان الحقيقة من مركز الإعلاميات العربيات وملتقى أبو غزالة المعرفي تقديرًا لجهوده الكبيرة.
كما أُسنِدت إليه لاحقا في عام 2025 مهمة تقديم برنامج “ستون دقيقة” في حلته الجديدة شكلًا ومضمونًا، ليعود إلى واجهة أحد أبرز البرامج الحوارية في المشهد التلفزيوني المحلي.
وفي إطار عمله المؤسسي، ترأس المجالي مجموعة من اللجان الاستراتيجية داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، من أبرزها:
– لجنة إعادة صياغة استراتيجية المؤسسة (2024)
– لجنة وضع الإطار العام للدليل التدريبي لأكاديمية المؤسسة,
كما أنه عضو في معايير جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز (عن المؤسسة) ، ومحاضر ومدرب إعلامي قدم دورات تدريبية في الأردن وخارجه، مسهمًا في نقل الخبرة وتطوير جيل جديد من الإعلاميين.
كما اختير المجالي نهاية عام 2025 من قبل الجامعة الأردنية كعضو في المجلس الإستشاري العمادة شؤون الطلبة لمدة عامين.
حصل المجالي عضو نقابة الصحفيين خلال مسيرته على جوائز رفيعة، من أبرزها:
– جائزة الحسين للإبداع الصحفي
– جائزة ثاني أفضل برنامج حواري عربي – اتحاد إذاعات الدول العربية
– جائزة فرسان الحقيقة – عن تغطية أحداث غزة في برنامج “مسارات”.
خضع الزميل المجالي عبر مسيرته لعدد من الدورات المتخصصة. في الاعداد والتقديم والتحرير من التلفزيون الأردني، bbc, معهد الصحافة النرويجي، ونقابة الصحفيين.
اليوم، يشكّل أنس طلال فايز المجالي رمزًا من رموز الإعلام الأردني الحديث، بصوت يعرفه الجمهور ويثق به صانع القرار، ومسيرة تمتد عبر الصحافة المكتوبة، التلفزيون، الإذاعة، التقديم، الإدارة، التدريب، وصناعة المحتوى.
وقد أثبت أن المهنية ليست مجرد خبرة، بل هي منهج حياة، يقوم على الانحياز للحقيقة، واحترام اللغة، والعمل الدؤوب الهادئ الذي يترك أثرًا طويل المدى في المشهد الإعلامي الأردني والعربي.
عماد الشبار












