بقلم: الأستاذ الدكتور فراس الهناندة – رئيس جامعة عجلون الوطنية
مباركٌ لأبنائنا وبناتنا الناجحين في امتحان الثانوية العامة، هذا الإنجاز الذي خطّوه بجهدهم وسهرهم وإصرارهم، وبه تزدان بيوت الأردنيين فرحًا وتعلو رايات التفوّق في سماء الوطن. فأنتم اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة تُبنى فيها الأحلام وتُصاغ فيها الملامح الأولى لمستقبلكم.
في هذا الوطن الذي يخطّ أبناؤه مجدهم بالعلم والعرق والكلمة، تفتح الجامعات أبوابها من جديد… لا لاستقبال أوراق القبول فحسب، بل لاستقبال الأحلام المتقدة في أعين الطلبة وأهاليهم، أولئك الذين يرون في الجامعة أكثر من مبنى وقاعات، يرون فيها البوابة الأولى نحو غدٍ يصنعونه بأيديهم.
أيّها الطالبُ العزيز…
لست أمام قرار عابر، بل أمام مفترق طرقٍ سترسم منه ملامح مستقبلك. أن تختار تخصصك يعني أن تُعلن بصوتك الداخلي: هذا أنا، وهذه رسالتي في الحياة.
وهنا تقف الجامعات، لا كجهة تقييمية تقليدية، بل كحاضنةٍ للطموح، شريكةٍ في المسيرة، ومُلهِمةٍ للعطاء.
الجامعة الحقيقية – كما نؤمن في جامعة عجلون الوطنية – لا تفرض على الطالب خيارًا، بل تمنحه المساحة الكافية ليكتشف نفسه، لتكون المعرفة مرآة الذات لا سجن الإمكانيات.
نحن لا نريدك أن تدخل الجامعة محكومًا بتوقعات المجتمع أو ضغوط الأرقام، بل أن تدخلها وأنت مفعم بالشغف، متسلّح بالإرادة، مدفوع بحلم يصمد أمام المتغيرات.
أيّها الشباب الأردني…
هذه بلادكم تنتظر منكم إبداعًا لا تكرارًا، وحلولًا لا شكاوى. والجامعة هي المحطة التي تُشعل شرارة التغيير. اختروا تخصصاتكم بناءً على حبكم، على ما تتقنونه، لا ما يتحدث عنه “الناس”.
فكم من طالب دخل تخصصًا “مرغوبًا” فذبل، وكم من آخر اختار طريقًا أقل رواجًا فسطع نجمه، لأنّ الشغف لا يخيب.
اختر ما تحب… ثم أبدع فيه، وكن أنت من يغيّر نظرة الناس إليه.
لا تنسَ أنّ التخصص لا يحدد مستقبلك، بل شخصيتك وعملك واجتهادك هما من يصنعان الطريق.
في جامعة عجلون الوطنية، نؤمن أن دورنا يتجاوز حدود التعليم التقليدي. نحن لا نمنح شهادة، بل نرعى رحلة حياة. نزرع الثقة، ونشعل الهمة، ونحمل الطالب من مقعده في الصف إلى منصة التميز في المجتمع.
نفتح أبوابنا هذا العام لكل شغوف، لكل باحث عن فرصة جديدة، لكل من يرى في نفسه قصة تستحق أن تُروى… على مقاعدنا، وفي مختبراتنا، وداخل حرمنا الذي يفوح بالعلم والعروبة والانتماء.
فيا أبناء هذا الوطن،
انظروا إلى الجامعة بوصفها الشريك الأول في صياغة مستقبلكم، لا بوصفها مرحلة عابرة.
واختاروا تخصصكم لا بعين الخوف من الغد، بل بثقة المؤمن بأنّ من يعمل لا يُخذل.
ولتكن البداية هنا… من حيث تشتعل الأحلام.
من حيث يُكتب على بوابة كل جامعة:
“ادخلوها بعلمكم وهمّتكم، فاكتبوا المجد بأسمائكم.”