قصة قصيرة بقلم الشاعرة ط الاديبة التونسية الدكتورةاميرة الرويقي
بعنوان” أرض البقدونس!!!”تونس في 6/7/2025
الشمس كانت تجري لمستقر لها … وهو السماء
واليوم كان بين حر وبرودة لا يستقرلن على شيء
والأرض كانت تلد كل ثانية اشجار البقدونس القصيرة جدا .. لا تطال السماء.. لكن الشمس بلونها الناري كانت تلفح خدود البقدونس المتخفي بين الاعشاب الطفيلية جدا
وكانت زينب في تلك الآونة بين الشمس والفجر ر ولفحات البرد وكتل السحاب تطل من علياء السماء .. تنهض مرة وتنكفئ على ركبتيها مرات حتى تقدر على قلع الطفيليات من بين الاف النباتات
نباتات البقدونس في حقل كان جدا بعيدا يتراقص بين خيوط الفجر التي كانت ساعت تعلن عن يوم جديد لم ترى زينب مثله بكل حياتها .
كيف لا وهي التي استيقظت على فجر رمى بها في حقل البقدونس الاخضر
كن النسوة الريفيات فيه يجمعن ويقلعن وبنتزعن الطفيليات من جذورها تحت انياب الشمس التي بدأت تشتد سياطها كي تنغرس في رؤوسهن وكانت رأس زينب صغيرة لم تتعود لا على انياب الشمس الحارقة ولا على القلع ولا على مشقة النسوة الريفيات .
وهل كانت زينب ساعتها تدرك انها ما تزال نائمة في سريرها المنبسط بين الحلم واليقظة أم هي فعلا انتفضت من سريرها لتجد اوقاتها قد تعسرت في حقل البقدونس والنباتات الطفيلية التي اجتاحتها !؟
وهي لا تعلم أن الشمس قد غربت ذات يوم حزين فارقت فيه الدرر والياقوت وسبائك الذ هب كانت تتحلى بها ملكة متوجة على عرش سنواتها الرائعة التي ولت الادبار ذات زمن بلا ملامح
وهي التي كانت تختال فرحة بين حبيبها وحبيبتها وهما قرتا عينها .. نجمتان تعالتا على أرض الاشواك والاعشاب الطفيلية في حقل البقدونس هناك في عهود الرياح زفزف قد اولا بنفسها قلع وانتزاع الحلم من اوتاره
طرق على باب
سقسقة عصافير الفجر نغمات جادت بها السماء
احلام منها استيقظت زينب لوحدها في حقل البقدونس مع الناس غرباء نسوة كن يجمعن البقدونس وينقينه من اعشاب رؤوسها كانها رؤوس الشياطين كانت قد تكدست بين كل عشبة بقدونس واخرى .
يا له من يوم كان … !!! لم تر زينب مثله قط بحياتها !؟!؟
هل كانت زينب ساعتها ماتزال تحلم في فراشها الوردي !؟ هل حقا لفحت الشمس الشديدة الحرارة رأس زينب الصغيرة!؟ أم تراها حكاية من الف حكاية شاهدتها زينب في التلفاز !؟
نسوة ريفيات يجمعن في الفجر البقدونس والهلال في دقائق ولادته الاولى كانت السماء به حبلى!؟!؟
وفجر بعد يوم يعلن عن نفسه من بين ثقب مكبر الصوت في قلب مسجد مدينة ما لا تعلم زينب عنها شيئا!؟ قد يعلن المؤذن في ذلك اليوم عن صلاة الفجر ؟؟ وقد لا يعلم!!
وقد تستيقظ زينب لتبدأ رحلة لم تتوقعها في كل حياتها ابدا!؟
رحلة حقل البقدونس ونسوة ريفيات قد انطوين على انفسهن واجسادهن انقسمت الى نصفين
وانكببن يجمعن البقدونس ويتنفسن اعشابه الطفيلية التي كانت قد اكتسحت أرض البقدونس ،
زارتها زينب ذات حلم أو ذات يقضة !؟!؟ لم تعد تدرك زينب ايهما الحقيقة وايهما الحلم
وهل في الادراك الواقع المر !؟
أم الحلم الوردي الذي استفاقت منه زينب والشمس اتخذت مستقرأ لها وهو السماء!؟!؟
كانت زينب كلما اقتلعت عشبة طفيلية من بين الصخور اوراق البقدونس الخضراء كانت كل اعشاب الحقل يسخرن منها ويقهقهن باصوات عالية تكاد تثقب طبلة اذنيها اللتين احمرتا من شدة حر الشمس ،
وهن يهمسن في اذنيها الحمراوين تلك بكلمات مبهمة غير مفهومة حاولت زينب تفسيرها فلم تستطع ان تفهم سوى بعض الفاظ للسخرية منها
” ماذا جثت تفعلين هنا يا ابنة مدللة !؟ ألا تعلمين ان هذا المكان فقط للمتعبات الفقيرات المعدمات اللاتي لم يجدن قوت يومهن ألا هنا!؟
آنت لا تدركين انك الآن في أرض البقدونس ، ولست في فراشك الوثير المزوق المنمق الحريري!؟
عودي على عجل من حيث أتيت لا مكان لك هنا البتتة”.
استفاقت زينب من نومها على صوت منبه ساعتها الرابظ فوق الكوميدينو في غرفة نومها وفتحت رويدا عينيها و هي بعد لا تعلم
هل ماتزال نائمة!؟ أم ما تزال صاحية !؟
أم راحت حقل البقدونس وشمرت على ذراعيها ولبست لباس النسوة الريفيات وبدأت تعمل معهن في ذلك الحقل الاخضر المليئ بقدونس قد استوطنته الطفيليات!؟!؟!
كلها اسئلة خطرت ببال زينب وهي تحت زخات الماء في بيت الحمام زخات ماء باردة صقيعية تعمدت زينب ان تتركها تغسل كل ما علق بجسدها من حلم البقدونس ورائحة الأرض وبقايا اعشاب طفيلية قد تمسكت باطراف افكارها المتلاحقة
هل كانت زينب هناك تحت اوراق البقدونس تقتلع الطفيليات!؟ هل كان مجرد حلم !؟ هل كانت حقيقة جدا غريبة الملامح!؟
الى يوم الناس هذا لم تجد زينب خيط الحقيقة ولم تحظى بمن يشفي غليل حيرتها ، إلى حد هذه اللحظات لم تتمكن زينب من الامساك بتلابيب اعشاب البقدونس التي تعج بالطفيليات ….